للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا نظم يراد به التذكير، وحظه من حرارة الانفعال الذاتي ضئيل. ومن هذه الطبقة احمد الاقليشي (١) الزاهد العازف عن العازف عن الدنيا وله معشرات في الزهد حملت عنه وكتبها الناس، وله قصيدة في صورة مناجاة ذاتية يحاسب فيها نفسه على التورط في الذنوب:

ثلاثون عاما قد نولت كأنها ... حلوم تفضلت أو بروق خواطف

وجاء المشيب المنذر المرء أنه ... إذا رحلت عنه الشبيبة تالف

فيا أحمد الخوان قد أدبر الصبا ... وناداك من سن الكهولة هاتف

فهل أرق الطرف الزمان الذي مضى ... وأبكاه ذنب قد قدم سالف

فجد بالدموع الحمر جزنا وحسرة ... فدمعك ينبي أن قلبك آسف ولأبي بكر العبدري أحد الزهاد معشرات في الغزل كفرها بمثلها في الزهد وشرحها في سفر ضخم (٢) . وهذا يذكرنا بما فعله ابن عبد ربه في القصائد الممحصات وبما شاع في الموشح نفسه من تكفير حتى اصبح احد ضروب الموشح يسمى المكفر.

ومن هذا الفريق من الصلحاء علي بن إسماعيل الفهري القرشي وهو اشبوني شقباني الأصل يكنى بأبي الحسن الطيطل: " قرأ العلم بقرطبة واخذ عن علمائها واكثر من حفظ الآداب والأشعار حتى ليقال انه حفظ شعر عشرين امرأة أعرابية، وكان من الأدباء النبلاء والشعراء المحسنين مطبوع الأغراض سمح القريحة مشاركا في الحديث والفقه، انفذ في التلبس بذلك صدرا من عمره ثم مال إلى النسك والتقشف، ونظم في تلك المعاني أشعارا


(١) التكملة: ٦١.
(٢) التكملة: ٥١١.

<<  <   >  >>