للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشاعر على الجور أو الإهمال كان فردية. ولابن عبدون قصيدة يتذمر فيها من ملوك زمانه، ولكنا حالما نقرؤها نلمس أن الدافع فيها ذاتي، وان ثورة ابن عبدون إنما انفجرت لان الملوك اغفلوا شأنه (١) :

فسلني عن ملوك الأرض تسأل ... خبيرا فاقض حق الإسماع

علمت عليهم نفسي ونفسي ... لأوضح غبنهم عند البياع

فما اتبعوا دليلا في اجتنابي ... ولا سلكوا سبيلا في اصطناعي وكان رد ابن عبدون على هذه المعاملة ان باعهم ولزم بيته:

فبعتهم بتاتا لا بثنيا ... ولا شرط ولا درك ارتجاع

ولم أجعل قرابي غير بيتي ... وحسبي ما تقدم من قراع ولعل أشد مظهر أثار نقمة الشعر يومئذ هو تسلط اليهود في دولة غرناطة على الناس وقيامهم بحكم الجماعات الإسلامية وجمع الضرائب وهذا هو الذي دفع بابن الجد إلى إن يقول (٢) :

تحكمت اليهود على الفروج ... وتاهت بالبغال وبالسروج

وقامت دولة الأنذال فينا ... وصار الحكم فينا للعلوج

فقل للأعور الدجال هذا ... زمانك إن عزمت على الخروج وهذه الحساسية تجاه قيام أهل الذمة بتحصيل الضرائب من المسلمين كانت ذات أثر عميق في النفوس لأنها كانت تصور لهم انعكاس الوضع الطبيعي في قوانين الدولة، ولم يحاول أحد منهم أن يتمثل لنفسه بأن


(١) الذخيرة - القسم الثاني " المخطوط ": ٢٨٢.
(٢) المصدر السابق: ٢٢١.

<<  <   >  >>