قلما كان الشعر في العصر الأموي؟ السابق - ممثلا للفكاهة الاندلسية، وكان المشهورون من الأندلسيين بالفكاهة إذا تندروا هجوا. ولما كتب ابن شهيد " شجرة الفكاهة " أو رسالته المعرفة بالتوابع والزوابع لم يكن للفكاهة فيها حظ كبير يناسب مقدار ما فيها من عجب وزهو ذاتيين. أما في هذا العصر - عصر الطوائف والمرابطين - فقد احتلت الفكاهة مكانة واسعة في الشعر والنثر، وزاد الأندلسيين بطبقة القضاة والفقهاء، واستوى لهم في بعض النواحي ما وصلهم من هزليات أبي الشمقمق وأبي الرقعمق وأحيانا مجونيات ابن سكرة وابن حجاج، ففتح ذلك لهم بابا واسعا من الاتباع، وأصبحت طريقة الجاحظ في السخرية مطلبا يحاولون بلوغه.
ومن اشهر السلكين لهذا السبيل الأديب أبو عبد الله محمد بن مسعود ويرى ابن بسام انه انتحى في هذه الطريقة منحى ابن حجاج بالعراق فقصر عنه، وقد كان له ابن توجه إلى الغرب، وخلع هنالك عذاره في البطالة والشراب، فكتب إليه أبوه رسالة هزلية يتهكم فيها به على نحو ما تهكم الجاحظ بأحمد بن عبد الوهاب في رسالة التربيع والتدوير. وتبدو المجاكاة في القطعة التالية احتذاء واضحا إذ قال: " وصف لي موقع الشمس في العين الحمئة، وكيف كان مخلصك من تلك البلاد الوابئة وكيف رأيت مدينة يونس وجنة رام، والبركان المونس وجزيرة الغنم، والزاوية، وصخرة العقاب وبئر الهاوية؟ وإيوان كسروان وكفر توثى