للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لمحدثي: أمجد أنت أم هازل؟ سيدي أشد بأسا، وأعز نفسا من ان يرى يوم جلاء إلا ظهر جواد، فان لبس زغفا هزم ألفا، وأن تقلد صمصامة، لم يبق هامة، ولكن أذكره بهذه الشهامة قول أبي دلامة:

ولو أن برغوثا على ظهر نملة ... (١) يكر على صفي تميم لولت وجرت بين أحمد بن عباس الكاتب وابي المغيرة ابن حزم مفاكهات حول رسول أرسله ليؤدي رسالة للأول، وقد تفنن ابن عباس في التصوير الهزلي لذلك الرسول صورة مضحكة كاريكاتورية دقيقة، فمن ذلك قوله فيها: " أنهى الي كتابك رجل طويل القامة، صعل الهامة، بعينيه ليانة، وعلى أسنانه طرامة، وفي شاشيته وضارة، وفي منطقة لكنه صعبة، وعلى أنفه عقدة كالكبة، وفي أطواقه سعة يخرج منكاه من أقطاره، كأنها ثياب واله، أو شبارق راهب تائه، وفي مشيته تفحج قبيح كأنه عائم في يبس، وعليه غفارة شفافة شبكية السيدارة، وأظن العمالقة غزلت صوفها زمن الفطحل؟. " (٢) .

ويمعن عباس في الإضافة حواشي هذه الصورة ليخرجها اكثر غرابة واشد إضحاكاً فيقول: " فوحق الطرب، وحرمة الأدب لقد هممت أن أوفي الشطارة حقها، واسم الخلاعة وسمها، فأجعل في يده عكاز قصبة خضراء، وفي رأسه قلنسوة بيضاء، وأضع على عاتقه خرجا بنخالة، وأقيم من نفسي ومن حضر عرافة وآلة، وآخذ به من طرق بني مردخاي، واقلده سيف الباجي أبي القاسم " (٣) أي انه يريد ان يجعله في


(١) المصدر نفسه: ٢٢.
(٢) الذخيرة ١⁄٢: ١٥٤.
(٣) المصدر السابق: ١٥٥.

<<  <   >  >>