للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

زي لعاب حاو من الحواة.

ويجيبه أبو المغيرة مستغربا أن يكون صاحبه المرسل على هذا النحو من الوصف لأنه يعرف أن " جبينه كالصفحة الصقيلة، وخذه كمرآة الغريبة، وعينيه كناظر صقر طاو على مقرب، وضفدع ينظر من خلال طحلب "؟؟ " فكيف انقلبت العين، وانسلخت من ذلك الزين، وصارت آبدة تلهي، ونادرة تجري "، ولم يكن أبو المغيرة مهيأ النفس للإجابة على الدعابة بمثلها نسقا، فاعتذر عن ذلك في آخر رسالته. على أن للمرء أن يسأل: ما هي غاية ابن عباس من دعابته تلك؟ يبدو أن لا غاية له وراء محض الدعابة وإظهار صورة مضحكة.

وقد شهرت لدى المشارقة رسالة لابن زيدون عرفت بالرسالة الهزلية كتبها على لسان ولادة إلى ابن عبدوس منافسة في حبها، ولست ادري من أطلق ذلك الاسم على تلك الرسالة، فان ابن بسام لم يشر إليها في الذخيرة، ولعل الناس من تعارفوا على أنها هي الهزلية تميزا لها عن رسالة أخرى جدية كتبها ابن زيدون إلى ابن جهور من السجن، واعتقد أن ابن زيدون قصد ان يحقق منها غايتين الأولى: معارضة الجاحظ في رسالة التربيع والتدوير، والثانية: عرض معارضة ونواحي ثقافة، وان شخصية ابن عبدوس لم يأت في هذه الرسالة إلا لخدمة هذين الغرضين، ولم يكن ابن زيدون يهتم كثيرا؟ فيما ارى - بأن تجد الرسالة طريقها إلى الشخص المهجو فيها، وإنما كان يرسم أنموذجا أدبياً يدل به مقدرته واتساع معارفه. ولذلك بنى الرسالة على الإشارات التاريخية والاستشهاد بالمروي من الشعر وحل الأبيات وحشد ما حفظه من أمثال المشارقة، وما تلقاه من أسماء ومصطلحات في ثقافته الفلسفية المنطقية: " وأن هرمس أعطى بلينوس ما اخذ منك، وأفلاطون

<<  <   >  >>