للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلا الشهوات، والروح واصل بين هاتين الطبيعتين وموصل ما بينهما وحامل الالتقاء بهما (١) . وأنكر ابن حزم قول الناس في عصره وبلده، إن الوفاء في قمع الشهوات في الرجال دون النساء، وقال: الرجال والنساء في الجنوح إلى هذين الشيئين سواء (٢) .

وذهبت هذه النظرة في هذا الموقف " الحبي " بعد عصر الرمادي وابن فرج، في ازدواج، فأصبح الشاعر في هذا العصر الذي نتحدث عنه يتخذ من التحدث عن العفاف أو عن التمكن من الشهوات مذهبا أدبيا، دون أن يعبر في ذلك عن حقيقة أخلاقية مائلة في نفسه. وممن سلك هذه الخطة فقسم شعره بين مذهبي العفاف والمجون الشاعر أبو جعفر أحمد بن الابار أحد شعراء دولة المعتضد، فقد عبر عن القناعة في الحب في مقطوعات كثيرة منها قوله (٣) :

حتى اذا غازلت أجفانه سنة ... وصيرته يد الصهباء طوع يدي

أردت توسيده خدي وقل له ... فقال: كفك عندي أفضل الوسد

فبات في حرم لا غدر بذعره ... وبت ظمآن لم يصدر ولم أرد وتنسب هذه القطعة أيضا لإدريس بن اليمان ومن تلك المقطعات قول أبي جعفر بن الأبار (٤) :

حتى إذا ما السكر مال بعطفه ... وعتا يحكم الوصل في نشواته

هصرت يدي منه بغصن ناعم ... لم أجن غير الحل من ثمراته


(١) الطوق: ١٢٢.
(٢) المصدر نفسه: ١٢٣.
(٣) الذخيرة - القسم الثاني (المخطوط) : ٥٢.
(٤) المصدر نفسه: ٥٦.

<<  <   >  >>