للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأطعت سلطان العفاف تكرما ... والمرء مجبول على عاداته ويقول في مقطوعة ثالثة:

فورعت عن جني الجنى ... وكففت عن فوق الكفاف

وعصيت سلطان الهوى ... وأطعت سلطان العفاف هذا، مع أن لأبي جعفر بن الابار قطعا مجونية فاحشة جرى على منواله في بعضها عبد الجليل بن وهبون وأبو بكر الداني والمتنبي الاشبيلي وغيرهم، وهذا يؤكد انقسام الغزل في هذا العصر، في الاتجاهين المذكورين عند الشاعر الواحد، إلى جانب انقسامه منذ عهد مبكر بين غزل بالمؤنث وآخر بالمذكر.

ومما يميز الغزل في هذا العصر الذي ندرسه؟ بالنسبة للعصر السابق - وضوح شخصيات بعض النساء اللواتي يدور حولهن الغزل أو؟ في الأقل - دوران الغزل حول امرأة معروفة. فمثلا كان ابن السراج المالفي شاعر بني حمود يتعشق جارية تدعى " حسن الورد " وجارية أخرى تدعى " أزهر " وله فيهما عدة مقطوعات اوردما ابن بسام في الذخيرة (١) وكان ابن الحداد قد شغف في صباه بصبية نصرانية ذهبت بلبه كل مذهب، وركب إليها اصعب مركب، وكان يسميها في شعره " نويرة " واسمها على الحقيقة " جميلة " (٢) وقد تضمنت أشعاره فيها الإشارات الكثيرة إلى الطقوس والشعائر المسيحية، كما أن فيها ألغازاً كثيرة باسمها. ومن شعره فيها:

ورأت جفوني من نويرة كاسمها ... نارا تضل وكل نار ترشد


(١) الذخيرة ١⁄٢: ٣٦٣.
(٢) المصدر نفسه: ٢٠١ - ٢٠٢.

<<  <   >  >>