للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حتى إذا كان الصبح وبادر هو إلى الانصراف كتبت إليه أبياتا تقول فيها:

لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا ... لم تهو جاريتي ولم تتخير وكل هذا إنما أورده لأدل على ان ابن زيدون نفسه جعل من ذلك الحب قصة مكتوبة أو مروية في نطاق آخر مستقل عن نطاق ديوانه.

والقصة قد أضحت مشهورة شهرة تغنينا عن سردها في إسهاب، فقد دخلت شخصية ابن عبدوس فيها في صورة منافس لابن زيدون، وبعث ابن زيدون لصديقه قصيدة عنيفة، بعض العنف، يعاتبه فيها على التغير، ويذكر ولادة معرضا بقوله:

وغرك من عهد ولادة ... سراب تراءى وبرق ومض

هي الماء يأبى على قابض ... ويمنع زبدته من مخض (وبعد ذلك أبيات حذفها ابن بسام فيما يبدو هجاء لاذع في ولادة نفسها) وهذا يومئ إلى حرص ابن زيدون على استبقاء الصداقة بينه وبين ابن عبدوس بعد إذ خاب ظنه في الحب، وقد تم هذا بعد الرسالة الهزلية التي كان ابن زيدون يحرص فيها على استبقاء الحب وان أدى به إلى فقد الصديق. وقبل أن تنفصم روابط الحب كان ابن زيدون قد كتب لولادة قصيدته الثائرة التي تشبه " الجرس " الأخير في حياة حبهما:

ألم أوثر الصبر كيما أخف ... ألم اكثر الهجر كي لا أمل

ألم ارض منك بغير الرضا ... وابدي السرور بما لم أنل

ألم أغتفر موبقات الذنوب ... عمدا أتيت بها أم زلل

<<  <   >  >>