للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوقعت فيه صخرة حالت دون تيسر الحصول على الماء، فاجتمع على أهلها الجوع والعطش، فطلبت الحامية الأمان، فكان ذلك لها. ولكن الاردمانيين غدروا بهم وقتلوهم جميعا ولم يطلقوا غير قائدهم ابن الطويل وقاضيهم ابن عيسى. واستولوا من الغنائم على ما لا يكاد يحصى كثرة، وزعموا أنه حصل لأكبرهم في حصته نحو ألف وخمسمائة جارية أبكار، ومن أوقار الأمتعة والحلي والكسوة خمسمائة جمل، وقيل إنه أصيب فيها قتلا وسبيا ما يبلغ خمسين ألفا. وترك قائد الاردمانيين حامية في المدينة عددها ألف وخمسمائة من الخيالة وألفان من الرجالة. غير أن المقتدر أحمد ابن هود سعى بعد أشهر من الحادثة لإسكات سوء القالة عنه فاستولى على المدينة، وأسر من فيها فاسترق بعضا وأطلق بعضا بفدية عظيمة.

وثانية الهزات وأبلغها خطرا استيلاء الاذفونش على طليطلة، ولا بد لفهم هذه الحادثة من توطئه تعود بنا إلى أيام المأمون ابن ذي النون الذي كان قد جعل سياسة دولته ترتكز على كاهلي رجلين: ابن الفرج الذي كان يتولى تدبير الأجناد والأعمال الديوانية، والفقيه أبو بكر بن الحديدي الذي كان يتولى النظر في المظالم وغير ذلك مما لم يقع في نطاق سلطة ابن الفرج. ولما مات المأمون أوصى حفيده بأن يتمسك بابن الحديدي وأوصى هذا الفقيه بالحفيد الذي لقب بالقادر. وكانت مشيخة طليطلة تسعى للتخلص من ذلك الحفيد فوقف ابن الحديدي في وجوههم وكشف عن دسائسهم ضده في حياة المأمون حتى إن المأمون احتال عليهم وسجن عامتهم في مطبق بحصن وبذة، إحدى قلاعه المنيعة. فلما توفي المأمون وخلفه القادر أخذ من بقي معه من تلك البطانة يغرون بالفقيه ليتخلصوا منه، ونصحه ابن الفرج ان يحفظ لأبن الحديدي يده، وأن يحميه من أولئك الدساسين. ولكن القادر لغرارته لم يعر هذا النصح اهتماما، وإنما واطأ

<<  <   >  >>