للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويمدح الحموديين لصلتهم بالرسول فيقول:

يا بني أحمد يا خير الورى ... لأبيكم كان وفد المسلمين

نزل الوحي عليه فاحتبى ... في الدجى فوقهم الروح الأمين

خلقوا من ماء عدل وتقى ... وجميع الناس من ماء وطين

انظرونا نقتبس من نوركم ... إنه من نور رب العالمين ولولا البيت الأخير لكانت القصيدة عادية في المدح لا تخرج عن ذلك، وهذه القصيدة وأبيات عبادة اكثر شعر أمعن في التقرب إلى الحموديين على نحو من شعور أصيل أو منتحل بالتشيع لهم، أو للقضية العلوية. أما أشعار غير هذين ممن التف حول الحموديين مثل غانم بن وليد (١) وعبد الله بن السراج المالقي (٢) فليس في أشعارهم التي وصلتنا ما يوحي بسيء من التشيع، سوى ان غانم بن وليد يسمي ممدوحه العالي إدريس بن يحيى في شعره " إمام الهدى ".

اذن فالشعر لم يتمذهب بالشيعية في الأندلس، إلا أن ظاهرة جديدة تبرز فيه أيام المرابطين وهي نظم القصائد في رثاء الحسين، وممن فعل ذلك الشاعر الكاتب أبو عبد الله بن أبي الخصال، فان له قصيدتين في مدح الحسين (٣) ، وقد أصبح هذا الشعور أمرا ميسرا للتعبير بعد ان أصبحت روح التدين في ظل المرابطين دافعا قويا في الشعر، وغدا التوسل إلى الرسول وإرسال القصائد إلى الروضة الشريفة موضوعا واسعا من موضوعات الشعر الأندلسي يميز العصور التالية. وقد شارك ابن أبي الخصال


(١) الذخيرة ١/١: ٣٤٥.
(٢) المصدر نفسه: ٢٦٦.
(٣) فهرست ابن خير: ٤٢١، ومقالة الدكتور مكي: ١٤٥.

<<  <   >  >>