للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشرائع، ويصحح مفهوماته في بعض ما نسبه للعرب، وينزع عن قوم ابن غرسية صفات الفروسية التي الحقا بهم، ويضيفها إلى العرب: " مجالسهم السروج، وريحانهم الوشيح، وموسيقاهم رنات الردينيات، وطوبيقاهم السريجيات "، ويوغل في هذا إذ يجد مجال القول ذا سعة، ويختم رسالته بان يعيب ابن غرسية لانه جاهل كشف عورات آله الأعاجم بضعف نظره وقصور منطقه.

وعندها رد عليه ابن من الله القروي اظهر له فضل العرب حين ربته وليدا وعنيت بتخريجه وحسنت من ثقافته وعلمته اللغة التي بها يصول على العرب ويجول، وهذه مسألة لم يتنبه لها صديقه ابن الدودين في رده. ويحاول ابن من الله ان ينفذ إلى أمور دقيقة حين يذهب إلى ان ليس للسخاء بالرومية اسم ولا للوفاء في العجمية رسم، ويبتكر صفات مسجوعة لقومه العرب كالتي زعمها ابن غرسية لقومه من العجم، جاعلا صفاتهم مزدوجة في كلمتين فهم مثلا " سمر قمر ". ثم يتحدث عن بأس العرب وتغلبهم على الاكاسرة والقياصرة وعن غزو القسطنطينية ويجري مجرى ابن الدودين في توجيه الصفات التي ذكرها ابن غرسية لقومه وفي صرفها عن وجهها. فإذا قال ابن غرسية ان قومه " ملس لمس " قال ابن من الله: " انتم كما وصفت ملس لمس، لا تغيرون ولا تغارون، ولا تمنعون ولا تمتنعون، قلوبكم قواء، وأفئدتكم هواء، وعقولكم سواء، قد لانت جلودكم، ونهدت نهودكم، واحمرت خدودكم، تحلقون اللحى والشوارب، وتتهادون القبل في المشارب ". وواضح كيف ألح كل من الرجلين ابن الدودين وابن من الله على ناحية الغيرة وعلى غمز ابن غرسية في هذه الناحية غمزات لاذعة.

ويكاد ابن من الله يتفوق على صاحبه ابن الدودين في شدة التدقيق

<<  <   >  >>