للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٩ - الأدب الأندلسي صدى النكبات الكبرى:

من حق هذا الفصل أن أصور فيه تمثيل الأدب الأندلسي لحركت التقدم في الأوضاع التاريخية هنالك قبل أن اذهب إلى تصوير الذي يمثل النكبات أو حالات التراجع. فأما سياق التقدم فأنه يظهر في متابعة الأدب للانتصارات والإشادة بجهود الأمراء في مواقف متعددة، ربما كان أبرزها المد الجهادي الذي طغى بقدوم المرابطين، والتضحيات التي بذلت في الزلاقة ولبيط، الا ان هذا النوع من الأدب - على ما فيه من روح موجبة مندفعة - قد اختلط بالمدح حتى خالط المدح فيه الروح والعصب وليس فيه من جديد في الروح الطريقة.

وخير صورة وأنبلها غاية في عصر الطوائف تلك الصورة التي نحس فيها دعوة إلى الوحدة وائتلاف الكلمة أمام الخطر المشترك، ولكن هذه النغمة ضعيفة في أدب ذلك العصر، وانا لنلمس صداها في رسالة صدرت عن قلم الكاتب أبي محمد بن عبد البر يقول فيها (١) :

" ورد كتابك يحض على ما أمر الله به تعالى من الألفة واتفاق الكلمة وإطفاء نار الفتنة، وجمع شمل الأمة، في هذه الجزيرة المنقطعة عن الجماعة، فلله رأيك الاصيل، وسعيك الجميل، ومذهبك الكريم، وغيبك السليم، ما صدق قيلك، وأهدى دليلك، واضح في سبيل البر سبيلك، وقد كنت علم الله جانحا إلى ما جنحت إليه، ويلوح لي ما يلوح إليك من أنا على طرف إلا ما كفى الله وعلى قلة إلا ما وقي الله ".

وهي رسالة رسمية، تعتبر قضاء لواجب الرد، ولم تكن دعوة تتجاوز


(١) الذخيرة: القسم الثالث (المخطوط) : ٥٥.

<<  <   >  >>