للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطوائف بالتفرقة وبث التنافس فيما بينهم، وايجاد أسباب العداوة المتجددة بين واحدهم والآخر، وضرب الجزى عليهم ليجوروا على رعاياهم فتسفسد عليهم النوايا. ولم تكن الغاية من هذه السياسة خفية أو مكتومة، إذ كان يتحدث بها وزراء الفونس ومساعدوه إلى من يتصلون به من ملوك الطوائف حتى قال شئلاند (ششنند) مرة لصاحب غرناطة: " إنما كانت الأندلس للروم في أول الأمر حتى غلبهم العرب، وألحقوهم بانحس البقاع؟ جليقية - فهم الآن عند التمكن طامعون بأخذ ظلاماتهم ولا يصح ذلك إلا بضعف الحال والمطاولة، حتى إذا لم يبق مال ولا رجال اخذناها بلا تكلف " (١) ويعلق عبد الله صاحب غرناطة على هذا بقوله::فكان الجميع يساير الأمور ويدافع الأيام ويقول: من هنا إلى أن تتم الأموال وتهلك الرعايا؟ بزعمهم - يأتي الله بالفرج وينصر المسلمين. " (٢)

وجرب الفونس سياسة التهديد المباشر أيضا قبل سقوط طليطلة، لكي يزيد في الفزع والرعب، إذ تحرك بجيوشة من الإفرنج والجلالقة والبشكنس عام ٤٧٥ " فشق بلاد الأندلس شقا، يقف على كل مدينة منها فيفسد ويخرب ويقتل ويسبي ثم يرتحل إلى غيرها، ونزل على أشبيلية فاقام عليها ثلاثة أيام فأفسد وخرب، وكذلك فعل في شذونه واحوازها، وخرب بشرق الأندلس قرى كثيرة " (٣) .

فلما سقطت طليطة في يده قدر أن الحين قد حان لتنفيذ خطته الكبرى، فاحتوشه الزهر والكبر وداخله الإعجاب وتسمى بالأنبراطور


(١) مذكرات: ٧٣.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) الاستقصا ٢: ٣٢.

<<  <   >  >>