للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذي الملتين، وظن أن سياسة المطاولة قد بلغت غايتها، ففاز باستخلاص جميع أقطار ابن ذي النون وذلك ثمانون منبرا سوى البنايات والقرى المعمورات، وحاز من وادي الحجارة إلى طلبيرة، وفحص اللج واعمال شنتمرية كلها. وأخذ الأمراء يتوددون إليه مهنئين مرسلين الأموال من قبلهم، حتى إن صاحب شنتمرية حسام الدولة ابن رزين نهض إليه بنفسه ومعه هدية سنية ليقره عاملا له في بلده، فجازاه على هديته بفرد وهبه إياه. (١)

وارتفعت راية الخطر المباشر بالنسبة للمعتمد حين بعث إلى الفونس بالضريبة المقررة بعد سقوط طليطلة فردها ولم يقبلها وأرسل يتهدده ويطلب حصونا عينها، على لسان رسوله اليهودي (ابن مشعل أو ابن شاليب) فغضب المعتمد وضرب رأس الرسول بمحبرة كانت أمامه، فانزل دماغه في حلقة، وأمر به فصلب منكوسا بقرطبة. وصمم المعتمد على سياسة جديدة، وأن كان يتخوف شأن الملثمين حين قال قولته المشهورة: " رعي الجمال خير من رعي الخنازير " (٢)

ولا ريب في أن المعتمد خضع في هذا الاتجاه إلى ضغط العدو الخارجي من ناحية وإلى ضغط الرأي العام الداخلي من ناحية أخرى، إذ كان الناس يفدون على يوسف بن تاشفين يستنصرونه لينقذ البلاد، قبل أن تذهب إليه رسل أبن عباد. ثم انقاد بعض ملوك الطوائف إلى رأي ابن عباد، وأيدوه نزولا على حكم الأمر الواقع، فلما قام وفد من فقهاء الأندلسين بالسفارة لدى يوسف لبى الدعوة، وجاز إلى الجزيرة


(١) باختصار عن abbdidarum ٢:١٩ - ٢٠
(٢) انظر تفصيل الأحداث التي جرت إلى معركة الزلاقة في الروض المعطار: ٨٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>