واجتمعت الجوش المتحدة في الزلاقة من أقليم بطليموس، وقابلها الفونس بجيوش كثيفة من الجلالقة والأفرنجة. وكانت معركة حامية الأوار، أبلى فيها الصحراويون، وتميز فيها المعتمد، وأثخن بالجراحات، وعقرت تحته ثلاثة أفراس كلما هلك واحد قدم الآخر. واحرز المسلمون النصر بعد خسائر بالغة. وكر يوسف عائدا إلى بلاده، وعاد أبن عباد إلى أشبيلية، وجلس للناس، وهنىء بالفتح، وقرأت القراء، وقامت على رأسه الشعراء فأنشدوه. قال عبد الجليل بن وهبون: حضرت ذلك اليوم وأعدت قصيدة انشده إياها، فقرأ القارئ:" إلا تنصره فقد نصره الله "، فقلت: بعدا لي ولشعري، والله ما أبقت لي هذه الآية معنى أحضره إليه وأقوم به (١) .
- ٦ -
إذا نظرنا إلى الناحية المباشرة في نطاق الفتح والغلبة، لم نعد معركة الزلاقة حاسمة، لأن يوسف لم يقطف ثمراتها بالإلحاح المستمر على جيوش الفرنجة وتعقب النصر إلى النهاية، حسبما كان يود المعتمد ابن عباد. ثم أن المعركة لييط التي خلفتها، واستدعت من يوسف جوازا ثانيا، ولم تأت بشيء من النصر، قد ضعضعت من قيمة النصر الجزئي الذي حققته الزلاقة. أما لييط فأنه حصن منيع تتمركز حوله جهود المقاومة الأجنبية