ولذلك اجتمعت حوله الجيوش المتحدة، جيوش أمراء الطوائف وجيوش المرابطين، ولكنها ارتدت عنه متفرقة الكلمة. مما جعل يوسف يسيء الظن بالمعتمد في تجميعه قوى الهجوم على هذا الحصن، وهذا يتجلى من قوله:" إنما قصد ابن يرينا صعوبة قتال الحصون المنيعة وأن بلاده ذوات معاقل صعبة "(١) .
ولكن الزلاقة كانت ذات نتائج عامة: فقد اخرت ضياع الأندلس نهائيا، وأظهرت هي ولييط من بعدها، خطر الفرقة التي يعيش فيها أمراء الطوائف، وأفهمت الأندلسيين أن المرابطين يمكن أن يكونوا حماة لهم، لا امراءهم المتنابذون؛ إلا أن أولئك الأمراء لم يفيدوا درسا من هذا العون الجديد، بل قابلوه بالحذر، وعادوا سيرتهم الأولى، وأخذ بعضهم يبني الحصون ليحمي نفسه من المرابطين أنفسهم.
وتهالك الناس على يوسف، يشكون إليه أمراءهم وثقل الضرائب الواقعة عليهم، ولا ريب في أن الأندلس أعجبت يوسف أكثر من بلاده الصحراوية، ورأى بعين الرجل البصير الطموح، أن الأندلس لا يمكن أن تظل على هذه الحال، فأن كثرة الحكام تعرقل المجهود لجمع الكلمة، وأهل الأندلس يؤدون الضرائب لحكامهم، ويقدمون انزالات للمرابطين، فلا بد إذن من القضاء على ملوك الطوائف، وهؤلاء هم الفقهاء يفتون بأن القضاء عليهم واجب شرعا. ولذلك، بدأ بصاحب غرناطو أضعفهم فاستولى على بلده، ثم توصل إلى القضاء على دولة بني عباد وبني الأفطس وغيرهما.
ولقد أدرك يوسف أنه شاء أن يعمل عملا إيجابيا، فلا بد من أن يحمي ظهر جيوشه من الدسائس، وأن المعركة الواحدة لا تحل