٦ - مقامة لأبي عبد الله بن أبي الخصال عارض بها الحريري:
يطلها الحارث بن همام وصاحبه المتنكر أبو زيد السروجي، أي ان ابن ابي الخصال في معارضته لم يغير الاسمين اللذين أجراهما الحريري في مقاماته. وتدور الحادثة في الريف، وقد دفع فيها الحارث إلى الفدادين " أهل الفخر والخيلاء ". والجو ماطر والسيول غامرة والفلاحون مبتهجون بما أصابهم من غيث، ويمر ببيت قد تحلق فيه الناس وصاحبه قد هش للمجتمهين وقام يخدمهم بنفسه، وإذا شيخ يتوسط الحلقة، يحثهم على بره وصلته ويستثير دوافع السخاء فيهم بفصاحته وتذلله ونحيبه، فإذا الصرر تفتح ويمطرون الشيخ منها بالدراهم " والشيخ يتلقف ولا يتوقف، ويلقط ما يسقط، ويدخر ولا يؤخر ". فلما انصرف الناس تسلل الحارث وراء الشيخ حتى كاد الشيخ ان يرميه بسهم ثم عرفه وقال له:" إنك لابن همام منذ الليلة " فنصحه الحارث أن يبيت عنده لأنه " بمنزلة لصوص وفي أهل خصاصة وخصوص " وحاول الحارث فيما يبدو أن يختلس ما معه من النقود ولكن الشيخ؟ وهو السروجي - كان شديد الحذر فلم يقبل ان ينام في الفراش الوثير بعد ان طعم الطعام الطيب، وقام بعد ان قال لصاحبه:" السهاد ولا هذا المهاد، والأرق ولا تلك السرق، والمحاش، ولا ذلك الفراش، كلني للبداوة وحمل الاداوة ". وفي الصباح وجده الحارث قد غادر مرقده وقد ترك رقعة فيها ثلاث قصائد، وعرف الحارث من أمر صاحبه أنه ذهب فشرب في إحدى الحانات واصبح محبوسا في جب لأن صاحب الحان ارتهنه بدينه.
وهنا تتحول المقامة إلى وصف الحان والشاربين ومن الحان من غلمان