للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدولة الأموية؟ باستثناء القاضي ابن عباد. فلم تأخروا عن تسليم زمام المبادرة يومئذ؟ أغلب الظن أن سلطتهم المعنوية كانت ما تزال تقتصر إلى تأييد عسكري، ولذلك استأثر بالموقف مغامرون من طراز آخر، منهم فرسان الصقالبة والبرابرة. ثم إن هؤلاء الفقهاء والقضاة لم يكونوا قد ألفوا يومئذ ادعاء الإمامة لأنفسهم إلا أن يكونوا من قريش، ومن العسير ان يتسوروا على الامارة دون سند، وهذا احد الاسباب التي دعت فقيه اشبيلية؟ ابن عباد - إلى أن يدعى أن هشاما " الخليفة القريشي " ما زال حيا.

ولكن ليس معنى هذا انهم تخلفوا عن مراكزهم الاولى بعد الفتنة البربرية، أو تنازلوا عنها، فقد اشتركت مصالحهم مه مصالح الثائرين في غير مكان، وكان منهم أصحاب الأمر والنهي إلى جانب الحكام انفسهم، كما كانت الحال في قرطبة أيام بني جهور، وكذلك كانت شئون دولة بني ذي النون بطليطلة موكولة إلى الفقيه ابي بكر بن الحديدي، كما ان بلنسية أسلمت أمرها في أحدى مراحل تاريخها إلى القاضي ابن جحاف. ويقول ابن الخطيب في خبر زهير العامري: " إنه كان يشاور لبفقهاء ويعمل بقولهم " (١) كذلك فان مجاهداالعامري نصب بمحل ملكه خليفة دعا الناس إليه وهو الفقيه المعيطي أحد من أزعجته الفتنة من رجال الأشراف بقرطبة، وكان في عدد الفهاء المشاورين بها، فنصبه خليفة واخذ له على الناس البيعة " فاستبد المعيطي بالناس واستأثر بالفيء وجاهر بالمعاصي (٢) ". وهذه امثلة فحسب، ولو تتبعنا مقامات الفقهاء ممن يلي هؤلاء في المكانة السياسية لوجدناهم ما يزالون مقدمين عندئذ. ومن


(١) اعمال الأعلام: ٢١٦.
(٢) اعمال الأعلام: ٢٢٠.

<<  <   >  >>