للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيها اربعمائة جوهرة قدرت كل جوهرة بمائة دينار، ومن الجواهر ما له قيمة جليلة، إلأآ غير ذلك من الثياب والعدد (١) .

ولم يكن هذا الثراء خاصا بذوي القصور والأمراء، بل كان يشمل طبقات أخرى من الناس، من أبرزهم التجار، وبخاصة تجار الرقيق، والمقربون من الحكام، وطبقات الفقهاء، والمنتفعون بالمغامرة. حكى تاجر يهودي كيف عهد إليه أحد وجهاء بربشتر أن يفدي بعض بنائه ممن سباهن؟ وهو رومي - فلما عرض على الرومي عينا كثيرا وأقمشة قال له: كأنك تشهيني ما ليس عندي. يا بجة (يريد يا بهجة فيغير الكلمة لعجمته) ، قومي فاعرضي عليه أنواع ما في ذلك الصندوق، فقامت إليه، واقبلت ببدر الدنانير، وأكياس الدراهم وأسفاط الحلي؟ حتى كادت تواري شخصه، ثم قال لهل: أدني الينا من تلك التخوت، فأدنت منه عدة قطع من الوشي والخز والديباج الفاخر؟ ثم قال لقد كثر هذا عندي ما أستلذه "، وكان مما غنمه الروم يوم دخلوا مدينة بربشتر (٢) . ومدينة بربشتر إذا قيست بغيرها من المدن تعد صغيرة قليلة الحظ من الأتساع، وهذا نصيب واحد من الذين شاركوا في غزوها ونهبها.

وهذا الجانب المترف القائم على الأبداع في شئون القصور والحدائق هو الجانب الحضاري الذي تتوجه إليه أخيلتنا كلما تذكرنا مجد الأندلس في ذلك العصر، وهو الجانب الذييستنبط ويتطاول حتى يحول بيننا وبين رؤية جوانب الضعف والتخلف في المظاهر الأخرى.

وحين يتنافس الأمراء فيما بينهم في بناء القصور وأتخاذ الأبهة وانتحال


(١) Abbadidarum ٢:٣٩
(٢) الذخيرة - القسم الثالث (المخطوط) : ٦٠ - ٦١.

<<  <   >  >>