للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ضروب التفخيم يرتفع من حولهم؟ في العادة - فئتان، فئة الكبار من رجال الدولة لإتحاد المنفعة، وللأشتراك في طرق الكسب والجمع، وفئة تجار الكماليات الذين تنفق سلعهم؟ في مثل تلك الأحوال - بما يقدمونه من فاخر الأثاث والملبوسات المزخرفة والعطور والجواري. قال ابن حيان يصف ما استحدثه مظفر ومبارك في بلنسية: " واتخذوا البساتين الزاهرة والرياضيات الناضرة، وأجروا خلالها المياه المتدفقة، وسلك مبارك ومظفر سبيل الملوك الجبارين في إشادة البناء والقصور، والناهي في عليات الأمور، إلى أبعد الغايات ومنتهى النهايات، بما أبقيا شأنهما حديثا لمن بعدهما. واشتمل هذا الرأي أيضا على جميع أصحابهما ومن تعلق بهما من وزرائهما وكتابهما، فاحتذوا فعلهما في تفخيم البناء؟ فنفق سوق المتاع بعقرهم، وبعثر عن ذخائر الأملاك لقصرهم، وضرب تجارهما أوجه الركاب نحوهم، حتى بلغوا من ذلك البغية، فما شءت من طرف رائع ومركب ثقيل وملبس رفيع جليل، وخادم نبيل، وآلات متشاكلة وامور متقابلة " (١) .

ويحفل الشعر الأندلسي بوصف قصور المعتمد وغيره من الأمراء. وكانت القصور التي بناها بنو ذي النون في طليطلة مضرب المثل في روعتها، وإلى ابن حيان نرجع مرة أخرى لنتصور شيئا من حالها، فقد وصف هذا المؤرخ النافذ النظر والقلم كيف فرش احد ابهائها بالديباج التستري المرقوم بالذهب، وسدلت فوق حناياه ستور من جنسه، تكاد تلتمع الابصار بنصاعة ألوانها واشراق عقيانها، وأن مجلس أحد القصور المسمى " المكرم " قد زين بصور البهائم وأطيار وأشجار ذات ثمار، وقد تعلق كثير من تلك التماثيل المصورة بما يليها من أفنان الاشجار وأشكال الثمر،


(١) الذخيرة - القسم الثالث (المخطوط) : ٥.

<<  <   >  >>