للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والتعدي وانهم يكشطون الثياب ويغيرون الأشكال ويروعون الأنفس (١) .

ومع أن المدن الأندلسية تلتقي في كثير من صور الحياة الاجتماعية إلا أن بينها؟ ولا بد - فروقا ملحوظة، فمدينة نهرية مثل أشبيلية يتصل أكثر ضروب نشاطها بالنهر ففي جانب منه ترسو السفن، وعلى النهر معدون ينقلون الناس بين الضفتين ويشحنون البضائع. ويوصي ابن عبدون بأن تحمى ضفة الوادي الذي هو مرسى المدينة للسفن وأن لا يباع منها شيء ولا يبني فيها، لأن ذلك الموضع عين البلد، وموضع اخراج الفوائد مما يخرجونه التجار، ومأوى الغرباء، وموضع اصلاح السفن. ومن هذا النهر يستقي السقاءون من سقاية خاصة، ولذلك كان من الضروري ان تمنع النساء من أن يغسلن من موضع السقاية أو ان تهرق الزبول والأقذار على ضفة الوادي. هذه حال اشبيلية؛ اما قرطبة فتميز مثلا بأن أهلها لا يخرصون الثمار؟ أي يقدرون الضريبة عليها - إلا في الفشقار، ولذلك فإن ابن عبدون يرى ان تتخذ قرطبة قدوة في هذه المسألة، هذا إذا لم يمنع الخرص منعا باتا لأنه ظلم صريح، والفقهاء الذين رخصوا فيه انما تملقوا بذلك رؤساءهم. وتتميز غرناطة باعتمادها الكبير على فصل العصير، وفي هذا الفصل يترك أهل غرناطة دورهم ناقلين معهم ما يلزمهم من الأثاث والمتاع هم وعائلاتهم متخذين معهم من الأسلحة ما يردون به العدوان (٢) .

ويؤكد ابن عبدون اهمية الزراعة في حياة الأندلس، " فالفلاحة هي العمران، ومنها العيش كله والصلاح جله، وفي الحنطة تذهب النفوس والأموال، وبها تملك المدائن والرجال، وببطالتها تفسد


(١) المصدر نفسه: ١٨.
(٢) الإحاطة ١: ١٤٤.

<<  <   >  >>