للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأحوال وينحل كل نظام " (١) . وهو؟ كما ترى - يخصص زراعة الحنطة بالأهتمام الأكبر، إلا ان نقدره للزراعة عامة امر واضح، ولعله كان ينظر إلى طبيعة الحضارة الاندلسية - وهي تعتمد إلى حد كبير على الزراعة؟ ويشهد ما كان يصيب الناس من اثار التخريب الذي تجره الحروب وتعطيل المواسم في عهود الفتن. ولعله كان يفكر ايضا بما اصبح يعرف في اشبيلية بأسم " سنة الجوع الاكبر وهي مجاعة اجتاحت الناس عام ٤٤٨ وقد قال من شهد تلك الحادثة بأشبيلية: " كان الناس يدفنون الثلاثة والاربعة في قبر واحد "، والمساجد مربوطة بالخزم، لا يوجد لها من يؤم بها ولا من يصلي فيها " (٢) . وقد حدث ابن عبدون كيف كان تجار الحنطة يغلون سعرها، وذلك ان التاجر يأتي إلى دلال الحنطة، فيتفق معه على ان يشتري منه مقدارا كبيرا منها فيذهب الدلال إلى متجره، ويكيل للتاجر ما اراده؟ وهو غائب - لا يشهده احد. فيحتكر التاجر مقدارا كبيرا من الحنطة ويتلاعب بسعرها في السوق؛ ويرى ابن عبدون ان يمنع بيع الحنطة إلى من عرف انه احتكر اكثر من قفيز (٣) .

وبما ان عبدون يبغي الاصلاح لذلك نجده يتقصى السيأت ويصور احوال الفساد في المجتمع؛ على ان تجربته العامة في الحياة قد جعلته متشائما: " وبالجملة فأن الناس قد فسدت اديانهم؛ وأنما؟ الدنيا الفانية والزمان على اخره؟ ولا يصلح هذه الامور الا نبي بأذن الله،


(١) ثلاث رسائل: ٥.
(٢) الذيل والتكملة: ١٢
(٣) ثلاث رسائل: ٤٢

<<  <   >  >>