للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حيث الجمال وطيب الغناء وجودة الكتابة والمعرفة بالعلوم (١) ويبدو أن ابن الكتاني هذا كان شخصية غريبة، وانه كان تاجر رقيق إذ يقول في فصل له: " فانا منبه الحجارة فضلا عن أهل الفدامة والجهالة، واعتبر ذلك بأن في ملكي الآن روميات، كن بالأمس جاهلات وهن الآن عالمات حكيمات منطقيات هندسيات موسيقاويات اسطرلابيات معدلات نجوميات نحويات عروضيات تأدبيات خطاطات، يدل ذلك لمن جهلهن، الدواوين الكبار التي ظهرت بخطوطهن في معاني القرآن وغريبه وغير ذلك من فنونه وعلوم العرب من الأنواء والاعاريض والإنحاء وكتب المنطق والفلسفة، وهن يتعاطين اعراب كل ما ينسخنه ويضبطنه فهما لمعانيه ولكثرة تكرارهن فيه " (٢) وظاهر أن على كلام ابن الكتاني مسحة من تبجح دلالي الرقيق وتجاره.

ومن الغريب أن لا نسمع الشيء الكثير عن تلاحين الموشحات والأزجال واشتغال المغنين بها، إذ أكثر مل يقترن بالقصص المروية عن مجالس الغناء إنما هو من القصيد لا من الموشح، إلا في احوال قليلة كأن يقال أن موشحات ابن ارفع رأسه كان يغني بها في بلاد المغرب (٣) أو أن ابن باجة ألقى على إحدى القينات موشحة له فتغنت بها.

وقد كان الغناء وسيلة من وسائل نقل التلاحين العربية إلى ما وراء الحدود الإسلامية بالأندلس، وطريقا إلى التأثير العربي عامة، وفي هذه الناحية من ضروب الإختلاط الحضاري يمكن أن نقدر أثر العرب في البلاد المجاورة، ذلك أن الغناء العربي والألحان العربية كانت تسمع


(١) الذخيرة - القسم الثاني (المخطوط) : ٣٤، والبيان المغرب ٣: ٣٠٨.
(٢) الذخيرة - السابق: ١٠٨.
(٣) المغرب ٢: ١٨.

<<  <   >  >>