للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذه الدراسات كانت أكثر حظا من غيرها من حيث المؤلفات التي وضعت فيها، فإذا استثنينا " كنز المقل " لأبن الفوال وجدنا مؤلفين آخرين واحدا لأبن سيده وقد قال فيه صاعد: " عني بعلوم المنطق عناية طويلة وألف فيه تأليفا كبيرا مبسوطا ذهب فيه إلى مذهب متى بن يونس (١) " ولم يصلنا هذا الكتاب، غير أن ابن سيده يفتخر في مقدمة المحكم بتحقيقه في " تصوير الاشكال المنطقية، والنظر في سائر العلوم الجدلية التي يمنعني عن الأخبار بها نبو طباع أهل الوقت، وما هم عليه من رداءة الأوضاع والمقت " (٢) . والمؤلف الثاني هو " كتاب التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية " لأبن حزم الأندلسي، والظاهر أن متى بن يونس هو معتمده أيضا في هذا الكتاب (٣) وقد كانت محاولة ابن حزم في كتابه جريئة من ناحيتين: أولا لأن التأليف في المنطق عرضه لألسنة الناقدين من خصومة الفقهاء فحملوا عليه بشدة، وبالغوا في تهجين ما صنه، وثانيا لأنه حاول أن يقرب المنطق باستعمال أمثلة من الشريعة لكي يبرز ارتكاز الشريعة إلى اصول منطقية. غير ان معاصريه اتهموه بأنه لم يفهم منطق ارسطوطاليس لأنه " خالف اصوله مخالفة من لم يفهم غرضه ولا ارتاض في كتابه، فكتابه من أجل هذا كثير الغلط بين السقط (٤) " والتهمة صحيحة في بعض المواطن لأن ابن حزم اعتمد المقدمات الدينية في تصور المنطق، وأضعف من قيمة الاستقرار، وصرح في مواضع من كتابه بأنه لا يتقيد بقول الاوائل في


(١) طبقات الأمم: ٨٨.
(٢) المحكم ١: ١٦.
(٣) انظر مقدمة كتاب التقريب ص: (ج) .
(٤) طبقات الأمم: ٨٦ - ٨٧.

<<  <   >  >>