للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأضرب عنها ظاهرا " لما لحقه من المطالبات في دمه بسببها " وانصرف إلى علم الشريعة. وأما أبو بكر ابن باجة، فإنه ترك في الفلسفة مؤلفات كما ترك تعاليق في الهندسة وعلم الهيئة، ولم يفرد تأليفا في العلم الالهي، غير أن له إشارات إليه في أثناء مؤلفاته الأخرى. وقد عد له ابن أبي أصيبعة عدة كتب، تدل على أنه سبق ابن رشد، إلى شرح كتب ارسطوطاليس. وقد قال فيه تلميذه أبو الحسن علي بن الإمام الغرناطي، وهو الذي وصلتنا أقاويل الباجي الفلسفية عن طريقه: " ويشبه أنه لم يكن بعد أبي نصر الفارابي مثله في الفنون التي تكلم عليها من تلك العلوم، فانه إذا قرنت أقاويل ابن سينا والغزالي، وهما اللذان فتح عليهما بعد أبي نصر بالمشرق في فهم تلك العلوم ودونا فيها، بان لك الرجحان في أقاويله أرسطو " (١) .

ومن كتبه التي وصلتنا رسائل ثلاث هي: كتاب النبات، ورسالة الوداع، ورسالة اتصال لعقل بالانسان، كما وصلنا كتاب " تدبير المتوحد " وجميعها نشرها المستشرق آسن بلاسييوس. اما كتاب النفس فقد نشره الدكتور محمد صغير حسن المعصومي. ومن العجيب ان كتب ابن باجة أكثرها مخروم غير كامل من آخره ككتابيه في النفس وتدبير المتوحد وغيرهما (٢) .

وقد كان ابن باجة في فلسفته ذا اهتمام بسعادة النفس الفردية وكمالها، فهو يؤمن مثل أفلاطون بالحاكم الفيلسوف، ولكنه يحاول أن يتساءل: ما هي الغاية القصوى لدى الإنسان، وكيف يحقق هذا الفيلسوف غايته؟ وهو غير معني في نظرته الفلسفية بتحقيق؟ أو تصوير - المدينة الفاضلة


(١) ابن أبي أصيبعة ٣: ١٠٢.
(٢) حي بن يقظان: ٦٢ (ط. دار المعارف) .

<<  <   >  >>