للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والفلك، ومن كتابه المشهورين أبو المطرف بن الدباغ وابن حسداي، وكان لابن المؤتمن مثل ما لأبيه من شغف بالعلوم الرياضية، حتى انه ألف كتابا سماه " الاستكمال ". ويقول الأمير عبد الله بن زيري في مذكراته: كان المؤتمن رجلا عالما قد طالع الكتب (١) . وممن نشأ في عاصمة بني هود ابن باجة الفيلسوف ومن مداحهم ابن خير التطليليوابن معلى الطرسوني (٢) وللمؤتمن ابن هود ألف نصر بن عيسى كتابا في العروض (٣) .

هذه صورة تنطق بجملة من الحقائق، فهي بعد ان تنفى طبيعه المبالغات العامة التي تربط بين ازهار الأدب في هذا العصر وحركة التشجيع " الرسمي " في بلاطات الأمراء تدلنا على أن تلك الامارات وقد عددنا منها تسعا كانت تتباين تباينا شديدا في طبيعة اهتمامها أو قل اهتمام الافراد أصحاب النفوذ فيها، بين دراسات لغوية وقرآنية وادبية عامة إلى دراسات علمية؟ هندسية وفلكية، وأخرى فلسفية، وأن الشعر بخاصة يسير الحظ من التشجيع، أن لم نقل إنه كان في أكثر الحالات " غريب اليد واللسان ". وبالمقارنة نستطيع ان نتبين كيف أن الاحكام التي نطلقها على ازدهار الشعر مستمدة من تصورنا لما كانت عليه الحال في بلاط بني عباد بأشبيلية، فقد أصبح هذا البلاط - واصحابه عرب ذوو نزعة شعرية واضحة - مقصدا للشعراء من انحاء مختلفة؛ فقد كان المعتضد شاعرا، وكان ابنه المعتمد اكبر شاعر امير في عصره، ومن حولهما تجمع أعظم شعراء العصر، من أمثال ابن عمار وابن اللبانة وابن حمديس الصقلي وعبادة القزاز وابن عبد الصمد وعبد الجليل بن وهبون، وعشرات


(١) المذكرات: ٧٨.
(٢) المغرب: ٢: ٤٥٠، ٤٥٧.
(٣) التكملة: ٧٤٦.

<<  <   >  >>