للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عامة، والشعر خاصة، ما بلغه الحال في بلاط بني عباد، غير أن الوضع في عهدهم لم يكن أسوأ حالا مما كان لدى بقية دول الطوائف. ولعل الصورة العامة في تميز عصر الطوائف على عصر المرابطين في هذا الصدد، مستوحاة من العصبية الأندلسية التي يمثلها أثر أدبي، كرسالة أبي الوليد الشقندي. فقد أسرف الشقندي في الثناء على امراء الطوائف وزعم أنه: " ما كان أعظم مباهاتهم إلا قول العالم الفلاني عند الملك الفلاني " والشاعر الفلاني مختص بالملك الفلاني؟ وقد سمعت ما كان من الفتيان العامرية: مجاهد ومنذر وخيران، وسمعت عن الملوك العربية: بنو عباد وبنو صمادخ وبنو الأفطس وبنو ذي النون وبنو هود، كل منهم قد خلد فيه من الأمداح ما لو مدح به الليل لصار أضوأ من الصباح، ولم تزل الشعراء تتهاوى بينهم تهادي النواسم بين الرياض، وتفتك في أموالهم فتكة البراض " (١) . وإزاء هذا الثناء أنحى باللأئمة والذم على أمراء المرابطين فقال: " وبالله إلا ما سميت لي بمن تفخرون قبل هذه الدعوة المهدية: أبسقوت الحاجب، أم يصالح البرغواطي، أم بيوسف بن تاشفين الذي لولا توسط ابن عباد بشعراء الأندلس في مدحه، ما أجروا له ذكرا، ولا رفعوا لملكه قدرا، وبعدما ذكروه بواسطة المعتمد فإن المعتمد قال له، وقد أنشدوه: أيعلم أمير المسلمين ما قالوه؟ قال لا أعلم، ولكنهم يطلبون الخبز ". ولما انصرف المعتمد إلى حضرة ملكه، كتب ليوسف رسالة ليقول فيها:

بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ... شوقا إليكم ولا جفت مآقينا

حالت لفقدكم أيامنا فغدت ... سودا وكانت بكم بيضا ليالينا


(١) النفح ٤: ١٨٠.

<<  <   >  >>