يسميه عمرو بن العاص، ويعمل برأيه. وكان أهل السنة بمصر لا يخرجون عما يراه لهم زين الدين يعني ابن نجية وكثير من أرباب الدولة. وقال له الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين: إذا رأيت مصلحة في شيء فاكتب إليّ بها، فأنا ما أعمل إلا برأيك.
وقضيته مع عمارة اليمني ومن وافقه على السعي من إعادة دولة العبيديين معروفة. وهم: عبد الصمد الكاتب، وهبة الله بن كامل القاضي، وابن عبد القوي داعي الدعاة، وعمارة الشاعر، وغيرهم من الجند والأعيان. وكانوا قد عينوا خليفة ووزيراً، وتقاسموا الدور، واتفقوا على استدعاء الفرنج إلى مصر، ليشتغل بهم صلاح الدين، ويخلو لهم الوقت ليتم أمرهم ومكرهم، فأدخلوا في الشورى معهم زين الدين ابن نجية، فأظهر لهم أنه معهم، ثم جاء إلى صلاح الدين فأخبره، وطلب منه ما لابن كامل من الحواصل والعقار، فبذله له، وأمره بمخالطتهم وتعريف شأنهم، فصار يعلمه بكل متجدد. ويقال إن القاضي الفاضل استراب من بعض أولئك الجماعة فأحضر ابن نجا الواعظ، وأخبره الحال. فطلب منه كشف الأمر، فأخبره بأمرهم، فبعثه إلى صلاح الدين، فأوضح له الأمر، فطلب صلاح الدين الجماعة، وقررهم، فأقروا، فصلبهم بين القصرين.
ولما كان السلطان صلاح الدين في الشام سنة ثمانبن كتب إليه الشيخ زين الدين كتاباً يشوقه إلى مصر، ويصف محاسنها، فكتب إليه السلطان كتابأً بإنشاء العماد الكاتب، يتضمن تفضيل الشام على مصر، وفي آخره: ونحن لا نجفو الوطن كما جفوته، وحب الوطن من الإيمان.
ولما فتح صلاح الدين القدس كان معه، وتكلم أول جمعة أقيمت فيه على كرسي الوعظ، وكان يوماً مشهوداً.
ونشأ لابن نجا ولد حسن الصورة، فلما بلغ أخذ في سبيل اللهو، فدعا عليه، فمات، فحضر الناس والدولة لأجله، فلما وضعوا سريره في المصلى نصبوا للشيخ كرسياً إلى جانبه، فصعد عليه، وحمد الله تعالى، وقال: اللهم إن هذا