للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه بايع أبا بكر وبايع عمر وبايع عثمان وحضر وقعة صفين، وكان مع معاوية فقتل، فحكى بعض من حضر الوقعة أنه قال: نزلت علينا ريح في الليل فقطعت الحبال وقلعت الأوتاد، فمددت يدي، وقد طاح وتد خيمتي، فشددت الحبل في رجل قتيل فلما أسفر الصبح إذا بها رجل ذي الكلاع. فتعجب الإخشيد وقال: ما أعجبه من خبر! ! ثم نهضت، وكان الإخشيد في علو، فقام فمشى معي واتكأ على درابن القاعة، ونزلت في الظلام من الدرج، فلما صرت في القاعة سقطت في البركة، فصاح الإخشيد: يا كافور، يا منجح، يا جانك، يا شادن (وجوه غلمانه) فرموا أنفسهم خلفي وأخرجوني، والإخشيد يقول: ويلكم مات؟ فقالوا: هو مسترج. فصاح يا أبا القاسم، قلت: لبيك، فقال: من أين أقبلت؟ قلت: من عند ذي الكلاع، فضحك وقال: الساعة تم الخبر، فقال قاضي البقر: ليت الله لم يسرك بتمامه. ثم صعدوا بي ونزعوا ثيابي وألقوا عليّ ثياباً، وانصرفت إلى منزلي وانتكست في العلة.

وحدثني مزاحم بن رائق قال: استعمل لي فرو قام عليّ بستمائة درهم، فمن حسنه وفرحي به لبسته بدمشق وركبت إلى الإخشيد، فلما رآه قلبه واستحسنه وقال: ما رأيت مثله قط، فلم تسمح نفسي بأن أنزعه للوقت. فلما انصرف اعترضني جانك وقال لي: اجلس فإن الإخشيد يريد أن يخلع عليك، وجاءوا برزمة وقالوا: اخلع الفرو، وطووه ومضوا به، وبقيت جالساً ثم قالوا: قد نام، تعود إليه العشية، فانصرفت إلى داري وقلت: هاتوا الفرو، فقالوا: أيما فرو؟ ما جاءنا شيء. فلما كان عشية دخلت على الإخشيد فإذا الفرو عليه، فلما رآني ضحك وقال: كيف رأيت؟ ما أصفق وجهك، ولكنك ابن أبيك، وكم عرضت لك وأنت لا تستحي، فلم تفعل، حتى أخذناه بلا شكر ولا منة.

قال: وكان الإخشيد يحب الصالحين ويركب إليهم ويأخذ دعاءهم. وحدثني مسلم بن عبيد الله الحسني قال: وصفت للإخشيد رجلاً صالحاً بالقرافة يعرف بابن المسيب، فركب معي إليه وسأله الدعاء، ثم انصرف فقال لي: تعال أريك أنا أيضاً رجلاً صالحاً فمضيت معه إلى أبي سهل ابن يونس، فرأيت شيخاً أديباً جالساً

<<  <  ج: ص:  >  >>