من وقع عليه هذا اللقب، وكان خرج في بطن من بني عدي من كلب يقال لهم بنو العلّيص، فخرج أليه طغج بن جف والي دمشق من قبل الطولونية محتقراً له، في غير عددٍ ولا عدّة، وكان هذا القرمطي في بادية كلب، فأوقع بطغج ودخل إلى دمشق مهزوماً، ثم رجع فجمع عسكره وحشد وخرج أليه، فكان الظفر للقرمطي أيضاً، وقتل خلقاً كثيراً من أصحاب طغج ونهبوا عسكره، وعاد طغج إلى دمشق، فقوي القرمطي، وكتب طغج إلى مصر فوجه أليه جماعة من الفرسان والرجالة وأمدّهم من في الشام فصار جيشاً عظيماً، فخرج وهو غير شاكٍّ في الظفر به، فأوقع القرمطي به، وكانت الوقعة في موضع يعرف بالكسوة. وسار القرمطي إلى بعلبك ففتحها وقتل أهلها ونهب وأحرق، وسار القرمطي منها إلى حمص فدعا لنفسه بها وبثَّ ولاته في أعمالها، وضرب الدنانير والدراهم، وكتب عليها المهدي المنصور أمير المؤمنين، وكذلك كان يدعو له على المنابر، وأنفذ سريّة إلى حلب، فأوقع بأبي الأغر خليفة بن المبارك السلمي وعادة السرية، وجبى الخراج وحُمِلَ أليه مال جند حمص، فأنفذ الأمير أبو الحجر المؤمل بن مصبح أمير برزويه والبارة والروق (١) وأفامية وأعمال ذلك وبقي والي هذه المواضع من قبل الخلفاء ببغداد أربعين سنة فيها رجلين من أهل معرة النعمان اسم أحدهما أحمد بن محمد بن تمام والآخر ابن عاص القسري، وجاءا إلى القرمطي يرفعان على أهل معرة النعمان، فمضيا أليه وقالا له: إن أهل معرة النعمان قد شقّوا العصا وبطَّلوا الدعوة وغيَّروا الأذان ومنعوا الخوارج، وكان أهل معرة النعمان قد أرسلوا معهما الخراج فأُخِذَ منهما في الطريق، فلما قالا له ذلك التفت إلى كاتبه وقال له: اكتب وشهد شاهدان من أهلها، فسار إليها وقال لأصحابه: إن أغلقوا الباب فاجعلوا غارة على الدارين (حاشية: لعله الذراري) . فخرج أهل معرة النعمان ولا علم لهم بما قد جرى، وأصحاب القرمطي يقولون لهم: القوا مولانا السيد، فبلغ كثيرٌ من الناس إلى قرب حناك، وأخذ الأبواب أصحابُ القرمطي على الناس فقتل خلقٌ كثير، ودخلها يوم الأربعاء النصف من ذي الحجة، فأقام يقتل المشايخ والنساءَ والرجالَ
(١) حاشية: الروق هو الذي يقال له الروج، كورة معروفة.