والأطفال ويحرقُ وينهب خمسة عشر يوماً. فذكر أن القتلى كانوا بضعة عشر ألفاً. وخرج المكتفي إلى الرقة وأنفذ عساكره مع محمد بن سليمان الكاتب الأنباري، وكان شهماً شجاعاً مدّبراً، فحصل في حلب في جيش فيه ثلاثون الفاً مرتزقة فيما ذكر غير واحد وكان جهير بن محمد يقول له: تخرج إليهم فقد أهلكوا عشيرتي، فيقول له ابن الأنباري الكاتب: لو أخذوا بلحيتي ما خرجتُ إليهم حتى يهلّ هلال المحرم، يريد سنة إحدى وتسعين.
٩ - (١)
سنة ٢٩١: فيها سار محمد بن سليمان الكاتب الأنباري إلى القرامطة فأوقع بهم في قرية تعرف بالحسينية، فقتلهم وبدَّدَ شملهم، ولما تصور القرمطي ورأى أنه لا طاقةَ له بعساكر الخلافة هرب قبل الوقعة بأصحابه، فحصل في قرية شرقيَّ الرحبة تعرف بالدالية في نفرٍ يسير من خواصَّ أصحابه، وتستروا بها، وبعثَ بعضَ أصحابه متنكراً ليمتار لهم ما يحتاجون أليه، فأُخذَ وأَنكر، وأُتي به إلى رجل كان يتولى معونة الدالية يعرف بأبي خبزة لأحمد بن محمد بن كشمرد، وكان ابن كشمرد والي الرقة، وكان أبو خبزة صغير الشأن حقيراً في الجند، فسأله أبو خبزة عن خبره وقصته فتبين منه قولاً مختلفاً، فألح عليه أبو خبزة فأقرَّ ذلك الرجل بأنه من رجال القرمطي ودلّ عليهم في أيِّ موضع هم، فخرج أبو خبزة في من جَمَعَهُ من الأجناد الرجال إلى الموضع الذي فيه القرمطي وأصحابه فظفر بهم وبالقرمطي، وكان معهم حملان من المال فأخذهم والمال معه، وحمله إلى ابن كشمرد والي الرقّة، فأخذهم وكتب بخبرهم إلى المكتفي، فبعث إليه من تسلمهم منه وأوردهم الرقة، وانحدر المكتفي إلى مدينة السلام بغداد وهم معه، فبنى لهم دكةً عظيمة بظاهر القصر المتضدي وعُذّبوا عليها بأنواع العذاب.