للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البغدادي -رحمه الله-: «فإن قيل: كيف يجوز أن يكون للمخطئ فيما أخطأ فيه أجر، وهو إلى أن يكون عليه في ذلك إثم أقرب لتوانيه وتفريطه في الاجتهاد حتى أخطأ؟ فالجواب، أن هذا غلط لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يجعل للمخطئ أجرا على خطئه، و إنما جعل له أجرا على اجتهاده، وعفا عن خطئه لأنه لم يقصده، و أما المصيب فله أجر على اجتهاده، وأجر على إصابته». (١)

يقول شيخ الإسلام: "وأما "التكفير"؛ فالصواب أنه من اجتهد من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وقصد الحق، فأخطأ لم يكفر، بل يغفر له خطؤه، ومن تبين له ما جاء به الرسول، فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدي، واتبع غير سبيل المؤمنين: فهو كافر، ومن اتبع هواه، وقصر في طلب الحق، وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب، ثم قد يكون فاسقا، وقد تكون له حسنات ترجح على سيئاته. (٢)

وبعد إيراد الأدلة يتبين لنا إعذار المخطئ وأن حكمه حكم الجاهل و المتأول، فلا يكفر إلا بعد قيام الحجة عليه، وأنه إن كان مجتهدا فيما يسوغ فيه الاجتهاد فله أجر اجتهاده ولو أخطأ، أما إن لم يكن مجتهدا وأخطأ فيأثم لتفريطه.


(١) الفقيه والمتفقه، (١/ ١٩١).
(٢) مجموع الفتاوى، (١٢/ ١٨٠).

<<  <   >  >>