للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من المِدْحة، فجعله شاهدًا على أمّته بإبلاغهم الرسالة، فتحملها في الدنيا، ويؤديها في الآخرة، يقول تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ومبشّرًا لأهل طاعته، ونذيرا لأهل معصيته، وداعيًا إلى توحيده وعبادته، وسراجًا منيرًا يستضاء به في ظلمات الجهل والغواية، ويهتدي بأنواره إلى مناهج الرشد والهداية، وقد وصفه ربه بهذه الآية في التوراة وزيادة، «حرز للأميّين (١)، أنت عبدي ورسولي سميّتك المتوكّل، ليس بفظّ، ولا غليظ، ولا سخاب (٢) في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو، ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملّة العوجاء بأن يقولوا «لا إله إلا الله» ويفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبنا غلفًا».

بل من فضيلته عند الله أن جعل طاعته طاعة لله، فقال {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وأقسم ربه بحياة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وله سبحانه أن يقسم بما شاء من خلقه، وليس ذلك لأحد منهم، يقول ابن عبّاس: «ما خلق الله، وما ذرأ، وما برأ نفسًا أكرم عليه من محمد -صلى الله عليه وسلم-، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره، قال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي


(١) أي: حفظًا للعرب؛ لأن الكتابة عندهم قليل.
(٢) من السخب، وهي لغة ربيعة في الصخب وهو رفع الصوت.

<<  <   >  >>