خيرًا ما سبقوه إليه، وبالغوا في مدحه، ووقعوا في الغلو الذي نهاهم عنه، فوا عجبي لمحبتهم المزعومة، وفي ذلك يقول قائلهم:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به … سواك عند حلو الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي … فضلا وإلا فقل يا زلة القدم (١)
واشتغلوا بحفظ المدائح النبوية عن حفظ سنته، فسار القوم ووقفوا، ووصل القوم وانقطعوا، حتى بلغ الحال ببعضهم أن صار يدعو رسول الله من دون الله، ويحلف به، ويتمسح بالحجرة التي فيها قبره إلى غير ذلك من الشركيّات التي تفعل بدعوى محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي منافية لها بعيدة عنها ..
أما المفرط فهو الذي لم يرع حق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجوب تقديم محبته على محبة النفس والأهل والمال .. ولم يعزره، ويجله، ويطيع أمره، ويتبع سنته، وما ذاك إلا بسبب ذنبه، وإغراقه في شهوات نفسه، وتقديم هواه على ما جاء في شرع ربه، ثم أنه اعتقد جاهل