للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمّد فما رأيت قومًا لملك عليهم أطوع منهم له ..

ولا تعجب لحال أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه كان أرحم الخلق وأرأفهم بهم، وأنفعهم لهم، أفصح خلق الله، وأحسنهم تعبيرا عن المعاني الكثيرة بالألفاظ الوجيزة، وأصيرهم في مواطن الصبر، وأصدقهم في مواطن اللقاء، وأوفاهم بالعهد والذمة، وأعظمهم مكافأة على الجميل بأضعافه وأشدهم تواضعا، وأعظمهم إيثارًا على نفسه وأشد الخلق ذبا عن أصحابه، وحماية لهم، ودفاعا عنهم، وأقوم الخلق بما يأمر به، وأتركهم لما ينهى عنه، أوصل الخلق رحمة، وأجودهم صدرة، وأصدقهم لهجة، وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبّه ..

وقد خصه الله بصفتين خص بهما أهل الصدق والإخلاص وهما: الإجلال والمحبة، فكان كل من يراه يهابه ويحله، ويملأ قلبه تعظيمًا وإجلالا وإن كان عدوا له، فإذا خالطه وعاشره كان أحب إليه من كل مخلوق، فهو المحل المعظم، المحبوب المكرم، وهذا غاية كمال المحبة أن تقترن بالتعظيم والهيبة (١) ..


(١) ينظر: جلاء الأفهام (٨٩).

<<  <   >  >>