للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولما وصل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الغار، وأراد أن ينزل فيه قال له الصديق: مكانك حتى أتبرئ لك، فإن كان به أذى نزل بي قبلك، فنزل فتحسس من الغار فلم يجد به شيئا، فنزل رسول الله وقد بلغ منه الإعياء والتعب مبلغه فما أن دخلا حتى توسد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم أبي بكر ونام، وكان الصديق يأخذ من ثوبه ويسد أي جحر مخافة أن يكون فيه شيء من الهوام فتؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتبقى منها حجر فألقمه عقبه، وكانت به حية فلدغته، فمنعه مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتململ، ولكن الألم اشتد به، وتحدرت دموعه، فسقطت على وجه رسول الله فاستيقظ، فقال «مالك يا أبا بكر؟» قال: لدغت. فنفث عليها رسول فبرئت بإذن الله (١)

وقاتل طلحة بن عبيد الله قتال أحد عشر رجلا كانوا حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقتلوا في سبيل الله حتى ضربت يده فقطعت أصابعه فقال «حس» (٢) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون» (٣)

أي قوم أولئك القوم أحد عشر رجلا كلهم يفدي حبيبه -صلى الله عليه وسلم-


(١) شرح المواهب اللدنية (١/ ٤٠٤).
(٢) حس: بكسر السين والتشديد، كلمة يقولها الإنسان عند التوجّع الألم، النهاية (١/ ٣٨٥).
(٣) أخرجه النسائيّ، وحسنه الألباني، صحيح سنن النسائي (٢/ ٦٦١) ٢٩٥١.

<<  <   >  >>