للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما في فتاويهم فقد كانوا يتبسطون فيها كتبسيط أولئك، أو قريبًا منه، ويقيسون غير المنقول والمسطور على المنقول والمسطور في المذهب غير "مقتصرين"١ في ذلك على القياس الجلي٢، وقياس لا فارق، الذي هو نحو قياس الأمة على العبد في إعتاق الشريك، وقياس المرأة على الرجل في رجوع البائع إلى عين ماله عند تعذر الثمن.

وفيهم من جمعت فتاويه وأفردت بالتدوين، ولا يبلغ في التحاقها بالمذهب مبلغ فتاوى أصحاب الوجوه، ولا تقوى كقوتها٣، والله أعلم.

الحالة الرابعة٤: أن يقوم بحفظ المذهب ونقله٥، وفهمه في واضحات المسائل ومشكلاتها، غير أن عنده ضعفًا في تقرير أدلته وتحرير أقيسته، فهذا يعتمد نقله وفتواه به فيما يحكيه من مسطورات مذهبه من منصوصات إمامه وتفريعات أصحابه٦ المجتهدين في مذهبه وتخريجاتهم، وأما ما لا يجده منقولا في مذهبه، فإن وجد في المنقول ما هذا في معناه بحيث يدرك من غير فضل فكر وتأمل أنه لا


١ من ف وج وش وفي الأصل "المقتصرين".
٢ قال الآمدي في الإحكام: ٤/ ٣ "القياس الجلي: ما كانت العلة فيه منصوصة، أو غير منصوصة غير أن الفارق بين الأصل والفرع مقطوع بنفي تأثيره.
فالأول: كإلحاق تحريم ضرب الوالدين بتحريم التأفيف بهما لعلة كف الأذى عنهما.
والثاني: كإلحاق الأمة بالعبد في تقويم النصيب، حيث عرفنا أنه لا فارق بينهما سوى الذكورة في الأصل، والأنوثة في الفرع، وعلمنا عدم التفات الشارع إلى ذلك في أحكام العتق خاصة".
"وأما الخفي: فما كانت العلة فيه مستنبطة من حكم الأصل، كقياس القتل بالمثقل على المحدد ونحوه".
٣ نقل الإمام النووي عن ابن الصلاح هذه الفقرة بشيء من التصرف "المجموع": ١/ ٧٩, والسيوطي في الاجتهاد: ٩٧.
٤ اقتبس السيوطي في كتابه "الرد على من أخلد": ٩٧ هذه الحالة عن ابن الصلاح وسمى الكتاب "آداب الفتيا"، المجموع: ١/ ٧٩، صفة الفتوى: ٢٣.
٥ من ف وج وش، وكذا في الرد للسيوطي: ٩٧، وفي الأصل: "في نقله".
٦ في ف وج "أصحاب".

<<  <   >  >>