للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن لم يحضر غيره فعند الحليمي: تعين عليه بسؤاله جوابه، وليس له أن يحيله على غيره.

والأظهر أنه لا يتعين عليه بذلك، وقد سبقت روايتنا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال:

"أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدهم عن المسألة، فيردها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول".

وإذا سأل العامي عن مسألة لم تقع لم تجب مجاوبته١، والله أعلم.

الخامسة: إذا أفتى بشيء ثم رجع عنه، نظرت فإن أعلم٢ المستفتي برجوعه ولم يكن عمل بالأول بعد لم يجز له العمل به، وكذلك لو نكح بفتواه أو استمر على نكاح, ثم رجع لزمه مفارقتها. كما لو تغير اجتهاد من قلده في القبلة في أثناء صلاته٣، فإنه يتحول، وإن كان المستفتي قد عمل به قبل رجوعه، فإن كان خالفًا لدليل قاطع لزم المستفتي نقض عمله ذلك، وإن كان في محل الاجتهاد لم يلزمه نقضه٤.

قلت٥: وإذا كان المفتي إنما يفتي على مذهب إمام معين فإذا رجع لكونه


١ صفة الفتوى: ٣٠، إعلام الموقعين: ٤/ ٢٢١. وفي سن الدارمي: ١/ ٥٠ " ... جاء رجل يومًا إلى ابن عمر فسأله عن شيء لا أدري ما هو فقال له ابن عمر لا تسأل عما لم يكن، فإني سمعت عمر بن الخطاب يلعن من سأل عما لم يكن"، والآثار في ذلك كثيرة انظر سنن الدارمي: "١/ ٥٠-٥١".
٢ كتبت في الأصل "أعلم" غير أن الألف لم تكتب بصورة واضحة، وفي ف وج "أعلم" الألف واضحة.
٣ في الأصل: "صلوته" وفي ش "الصلاة".
٤ انظر صفة الفتوى والمفتي: "٣٠-٣١", إعلام الموقعين: ٤/ ٢٤٤ وللاطلاع على الآراء في نقض الاجتهاد راجع: المستصفى: ٢/ ٣٨٢، المحصول: "٢/ ٣/ ٩١٩٠"، الإحكام للآمدي: ٤/ ٢٠٣، شرح مختصر ابن الحاجب: ٢/ ٣٠٠، وفصول البدائع: ٢/ ٤٢٨، شرح جمع الجوامع بحاشية البناني: ٢/ ٣٩١، المدخل لمذهب الإمام أحمد: ١٩٠، تيسير التحرير: ٤/ ٣٤".
٥ في ش: "قال المصنف رضي الله عنه".

<<  <   >  >>