للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بان له قطعًا أنه خالف في فتواه نص مذهب إمامه، فإنه يجب نقضه، وإن كان ذلك في محل الاجتهاد، لأن نص مذهب إمامه في حقه كنص الشارع في حق المفتي المجتهد المستقل١، على ما سبق تأصيله. وأما إذا لم يعلم المستفتي برجوعه فحال المستفتي في عمله به٢ على ما كان، ويلزم المفتي إعلامه برجوعه قبل العمل، وكذا بعد العمل حيث يجب النقض.

ولقد أحسن الحسن بن زياد اللؤلؤي٣، صاحب أبي حنيفة فيما بلغنا عنه: "أنه استفتي في مسألة فأخطأ فيها ولم يعرف الذي أفتاه، فاكترى مناديًا فنادى: إن الحسن بن زياد استفتى يوم كذا وكذا في مسألة فأخطأ، فمن كان أفتاه الحسن بن زياد بشيء فليرجع إليه.

فلبث أيامًا لا يفتي حتى وجد صاحب الفتوى فأعلمه: أنه أخطأ، وإن الصواب، كذا وكذا"٤. والله أعلم.

السادسة: إذا عمل المستفتي بفتيا المفتي في إتلاف، ثم بان خطأه، وأنه


١ اقتبس ابن حمدان في "صفة الفتوى": "٣٠-٣١" كلام ابن الصلاح هذا. وكذا ابن القيم في "إعلام الموقعين": "٤/ ٢٣٢". وقال: "أما قول أبي عمرو بن الصلاح، وأبي عبد الله بن حمدان من أصحابنا -ونقل نص كلام ابن الصلاح- فليس كما قالا، ولم ينص على هذه المسألة أحد من الأئمة، ولا تقتضيها أصول الشريعة، ولو كان نص إمامه بمنزلة نص الشارع لحرم عليه وعلى غيره مخالفته، وفسق بخلافه. ولم يوجب أحد من الأئمة نقض حكم الحاكم ولا إبطال فتوى المفتي بكونه خلاف قول زيد أو عمرو، ولا سوغ النقض بذلك من الأئمة والمتقدمين من أتباعهم ... ". انظر الرد بطوله في "إعلام الموقعين": "٤/ ٢٢٣-٢٢٤".
٢ سقطت من ف وج.
٣ هو "الحسن بن زياد اللؤلؤي، صاحب الإمام أبي حنيفة قال يحيى بن آدم: ما رأيت أفقه من الحسن بن زياد. وهو ضعيف في الحديث. توفي سنة أربع ومائتين" ترجمته في تاريخ يحيى بن معين: ٣/ ٣٦٣، الضعفاء والمتروكين للدارقطني الترجمة: "١٨٧"، تاريخ بغداد: ٧/ ٣١٤، الجواهر المضية: ٢/ ٥٦.
٤ الفقيه والمتفقه: ١/ ٢٠١، ونقل الإمام النووي في المجموع: ١/ ٨١ هذه الفقرة عن ابن الصلاح باختصار، وكذا إعلام الموقعين: "٤/ ٢٢٤-٢٢٥".

<<  <   >  >>