للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خالف فيها القاطع، فعن الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني: أنه يضمن إن كان أهلًا للفتوى، ولا يضمن إن لم يكن أهلا، لأن المستفتي قصر، والله أعلم١.

السابعة: لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى، ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتي. وذلك "قد"٢ يكون بأن لا يثبت ويسرع بالفتوى قبل استيفاء حقها من النظر والفكر، وربما يحمله على ذلك توهمه أن الإسراع براعة، والإبطاء عجز ومنقصة، وذلك جهل، ولئن يبطئ ولا يخطئ أكمل٣ به من أن يعجل فيضل ويضل.

فإن تقدمت معرفته بما سئل عنه على السؤال فبادر عند السؤال بالجواب فلا بأس عليه، وعلى مثله يحمل ما ورد عن الأئمة الماضين من هذا القبيل.

وقد يكون تساهله وانحلاله بأن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحظورة أو الكراهة، والتمسك بالشبه طلبًا "للترخيص"٤ على من يروم نفعه، أو التغليظ على من يريد ضره٥، ومن فعل ذلك فقد هان عليه دينه، ونسأل الله "تعالى"٦ العافية والعفو.

وأما إذا صح قصده، فاحتسب في تطلب حيلة لا شبهة فيها. ولا تجر إلى مفسدة ليخلص بها المستفتي من ورطة يمين أو نحوها فذلك حسن جميل يشهد له قول الله "تبارك و"٧ تعالى لأيوب٨ صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا، لما حلف ليضربن امرأته


١نقل الإمام النووي في المجموع هذه الفقرة عن ابن الصلاح وقال: ١/ ٨١ "كذا حكاه الشيخ أبو عمرو وسكت عليه، وهو مشكل وينبغي أن يخرج الضمان على قولي الغرور المعروفين في بابي الغصب والنكاح وغيرهما، أو يقطع بعدم الضمان، إذ ليس في الفتوى إلزام ولا إلجاء"، وانظر صفة الفتوى: ٣١، وإعلام الموقعين: ٤/ ٢٢٥.
٢ من ف وج وش.
٣ في ف وج "أجمل".
٤ كذا في سائر النسخ وفي الأصل "للترخص".
٥ المجموع: ١/ ٨١.
٦ من ج وش.
٧ من ش.
٨ ورد عن ابن عباس قوله: "لا يجوز ذلك لأحد بعد أيوب إلا الأنبياء"، راجع الدر المنثور: ٥/ ٣١٧.
وقال القرطبي في أحكام القرآن: ١٥/ ٢١٣ "وروي عن عطاء أنها لأيوب خاصة". وكذلك روى أبو زيد عن ابن القاسم عن مالك. راجع الأحكام: ٢/ ٢١٠، وقال سفيان الثوري في تفسيره: ٢٥٩: "لم يجعل لأحد بعد"، وانظر أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن عربي: "٤/ ١٦٥١-١٦٥٢".

<<  <   >  >>