للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخر اتبع١ اجتهاده، وإن كان اجتهاده مقيدًا مشوبًا بشيء من التقليد نقل ذلك الشوب من التقليد إلى ذلك الإمام الذي أداه اجتهاده إلى مذهبه، ثم إذا أفتى بين ذلك في فتياه.

وكان٢ الإمام أبو بكر القفال المروزي؛ يقول: لو اجتهدت فأدى اجتهادي إلى مذهب أبي حنيفة، فأقول: مذهب الشافعي كذا وكذا، ولكني أقول بمذهب أبي حنيفة، لأنه جاء ليستفتي على مذهب الشافعي، فلا بد من أن أعرفه بأني أفتي بغيره. وحدثني أحد المفتين بخراسان أيام مقامي بها عن بعض مشايخه: أن الإمام أحمد الخوافي٣، قال للغزالي في مسألة أفتى فيها٤: أخطأت في الفتوى. فقال له الغزالي: من أين والمسألة ليست مسطورة؟

فقال له٥: بلى في "المذهب الكبير". فقال له الغزالي: ليست فيه، ولم تكن في الموضع الذي يليق بها. فأخرجها له الخوافي من موضع قد أجراها فيه المصنف استشهادًا.

فقال له الغزالي عند ذلك: لا أقبل هذا واجتهادي ما قلت.

فقال له الخوافي: هذا شيء آخر, أنت إنما تسأل عن مذهب الشافعي، لا عن٦ اجتهادك، فلا يجوز أن تفتي على اجتهادك، أو كما قال. و"المذهب الكبير"


١ في ف وج "فاتبع".
٢ في ش "كان".
٣ هو "الإمام أبو المظفر أحمد بن محمد بن المظفر الخوافي، وخواف بفتح الخاء المعجمة وآخرها فاء بعد الواو والألف، قرية من أعمال نيسابور. قال السبكي: كان في المناظرة أسدًا لا يصطلى له بنار، قادرًا على قهر الخصوم، وإرهاقهم إلى الانقطاع. توفي بطوس، سنة خمسمائة"، ترجمته في الأنساب: ٥/ ١٩٩، تبيين كذب المفتري: ٢٨٨، البداية والنهاية: ٢/ ١٦٨، طبقات الشافعية الكبرى: ٦/ ٦٣.
٤ سقطت من ج.
٥ سقطت من ش.
٦ في ف: "أن اجتهادك".

<<  <   >  >>