والأيقونات ومهما كان الامر فإنه يبدو أن عبادة الأيقونات انتشرت انتشاراً سريعا واسعا في القرن الثامن، مما نشأ عنه صراع مستمر بين الأباطرة والبابوية وتطلب من الإمبراطور الأيسوري ليو الثالث علاجا سريعا لهذه المشكلة، بل هناك رأي يقول: إن الإمبراطور ليو استغل هذه المشكلة للقضاء على نفوذ الأديرة اليونانية بعد أن تضخمت ثروتها، وتضاعفت ممتلكاتها المعفاة من الضرائب، وازدادت حقوقها وامتيازاتها ومسموحاتها، مما جعلها خطرا على الدولة.
والغريب أن إثارة الحرب على الأيقونية بدأت في الدولة الإسلامية عندما أمر الخليفة يزيد بن عبد الملك سنة ٧٢٣ بإزالة جميع الأيقونات من الكنائس الواقعة داخل حدود الدولة العربية، ثم انتقلت الفكرة بعد ذلك إلى الدولة البيزنطية، بدأ ليو الثالث حملة ضد الأيقونات وعبادتها سنة ٧٢٦. وهنا لا نستطيع أن نجد تفسيرا لقوة الحركة اللاأيقونية في الشرق وضعفها في الغرب إلا أثر العقيدة الإسلامية التي قاومت الأصنام وعبادتها، فضلا عن تأثير اليهود الذين حرموا عبادة الصور وتقديسها.
كان المرسوم الذي أصدره ليو الثالث سنة ٧٢٦ بتحريم عبادة الأيقونات حازما وشديداً، إذ قضى بإزالة جميع التماثيل والصور الدينية من الكنائس والأديرة، وبدأ المواطنون فعلا في إزالة الصليب الكبير المقام فوق بوابة القصر الإمراطوري في القسطنطينية، ولم تلبث هذه الأعمال أن استفزت رجال الكنيسة لا سيما في الغرب حيث وقف البابا جريجوري الثاني ثم البابا جريجوري الثالث موقفا عنيدا من سياسة الإمبراطور اللا أيقونية حتى أصدر البابا جريجوري الثالث قرارا بحرمان الإمبراطور من رعوية الكنيسة سنة ٧٣١ م.
ويهمنا في هذا المقام أن النزال اللا أيقوني كان له أثره الخطير في إيطاليا والبابوية وعلاقتهما بالدولة البيزنطية، ذلك أن أواسط إيطاليا وروما ورافنا وقفت جميعا إلى جانب البابوية في المعسكر الأيقوني، على حين كانت صقلية وجنوب إيطاليا في جانب