وهكذا أيضا يبدو من هذه الإدارة البابوية أن البابوية آمنت إيمانا قويا بأن البابا له السلطة في حكم المجتمع المسيحي، وأنه يعزل الملوك والأباطرة بوصفه نائبا عن القديس بطرس.
ولهذا وجه جريجوري السابع مجمع روما الديني المنعقد سنة ١٠٧٥ م نحو اتخاذ قرار حاسم بشأن التقليد العلماني هذا نصه:
"أي فرد من الآن فصاعدا يتقلد مهام وظيفته الدينية من أحد الحكام العلمانيين يعتبر مطروداً من هذه الوظيفة ومحروماً من الكنيسة، ومن رعاية القديس بطرس، وإذا جرؤ إمبراطور أو ملك أو دوق أو كونت أو أي شخص علماني على تقليد أحد رجال الدين مهام وظيفته الدينية فإنه يحرم من الكنيسة فوراً".
هذه هي المسيحية وتدخلها في الشئون السياسية بالإضافة إلى نفوذها البعيد المدى في الأمور الكنسية والنظم الكنسية التي تمخضت عن الأسرار السبعة التي يدين لها بالولاء والخضوع كل مسيحي. وهذه الأسرار - من قبيل العلم بالأمر - هي:
١ - سر المعمودية (التنصير) ٢ - سر الميرون (المسحة المقدسة)
٣ - سر الأفخارستيا (العشاء الرباني) .
٤ - سر التوبة (الإعتراف) ٥ - سر مسحة المرضى.
٦ - سر الزيجة. ٧ - سر الكهنوت.
واعتبرت الكنيسة التقليدية (الكاثوليك والارثوذكس) منذ بداءتها هذه الأسرار السبعة. ولم يستبعدها، وينكرها سوى البروتستانت الذين انشقوا على الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر، ولم يحصل بينهم اتفاق على عدد الأسرار، وارتأى أتباع الكنيسة البروتستانتية أنه لا يوجد إلا سران فقط وهما المعمودية والعشار الرباني، وحجتهم في ذلك أن الكتاب المقدس لم يذكر أن الأسرار الكنسية سبعة إطلاقا.
ولسنا في صدد تفنيده عقيدة، بل بصدد مجرد التمثيل للوقوف على شيء من التعاليم الكنسية التي تقدس كتقديس كلمة الكتاب المقدس.
وامتد النفوذ المسيحي وهيمن على أمور أخرى منها العلم، مما أدى إلى تحديد مجال الدراسات العلمية، لأن العقيدة المسيحية - كما قال المعاصرون - تقوم على أساس الإيمان، في حين يعتمد العلم على العقل والمنطق.