ومعنى القول بأن نجرد الأول "معنى الجملة" وأن ننسب إلى الثاني "معنى القول" الجانب الذي لا يتعلق بالجملة، وهو كل شيء يتعلق بالسياقات الخاصة بالقول مثل معتقدات أشخاص معينين، ومواقفهم، والإشارة إلى كيانات معينة في المجتمع، وتقاليد التعامل المهذب بين جماعات معينة وهلم جرا، لكن لا يوجد سبب يجعلنا نفترض أن متكلمي لغة ما يستطيعون فعل ذلك بفضل قدرتهم اللغوية، فالقدرة اللغوية بمعنييها:"القدرة في لغة ما"، و"القدرة على اللغة" يحددها دائما الأداء.
وقد رأينا أن أنواعا معينة من الجمل ترتبط بأنواع معينة من الأقوال فالجمل الخبرية ترتبط بالتصريحات والجمل الاستفهامية ترتبط بالأسئلة ... إلخ، وطبيعة هذه العلاقة يوضحها الاستشهاد بفكرة الاستخدام المميز، ومن المسلم به -ومن الواجب أن يكون الأمر كذلك- أنه في أي مناسبة مفترضة يمكن أن يستخدم المتكلم جملة على نحو غير مميز ليعني شيئا ما يختلف -أو يزيد- عن معنى ما يستخدم استخداما مميزا، وهناك مع ذلك ارتباط جوهري بين معنى جملة ما واستخدامها المميز, فعلى سبيل المثلال يمكن أن تستخدم الجمل الخبرية استخداما غير مباشر لتوجيه الأسئلة، ولإصدار الأوامر، ولمنح الوعود، ولبيان مشاعر المتكلم.... إلخ، بيد أنه إذا كانت الجمل ذات البنية النحوية المعينة التي نسميها خبرية لا تشعر بأن المتكلمين للغة يربطون بينها وبين الحدث الكلامي الخاص بصياغة الأخبار -وهذه العلاقة الرابطة بين الشكل النحوي والوظيفة الاتصالية يؤسسها ويدعمها الاستخدام الدائم- فإن هذه الجمل المعينة لا تسمى جملا خبرية، وأكثر من ذلك فإن الاستخدام غير المميز لجملة ما يمكن توضيحه بشكل عام على أساس الاستخدام المميز، ولنأخذ مثالا مشهورا.