ويمكن للمتكلم في أي مناسبة أن يستخدم تعبيرا ما ليعني به شيئا يختلف عن معناه الذي يدل عليه بفضل المعنى المعجمي والنحوي، بيد أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك دائما، كما أنه ليس حرا في استخدام تعبير ما مع أي معنى يختار أن يعطيه إياه، وإذا لم يصل إلى اتفاق مسبق إلى حد ما مع المخاطب حول التفسير المقصود للتعبير، وما يعنيه به يجب أن يكون مرتبطا بصورة نظامية بمعناه المتأصل، ومعناه المتأصل يحدده استخدامه المميز، ورغم أننا قد نرفض المطابق المباشرة بين المعنى والاستخدام، ولنفس السبب الذي جعلنا نرفض المطابقة بين معنى الجملة ومعنى القول قد نرغب في التأكيد على أن معنى التعبيرات والجملة يثبته استخدامها المميز، وعلم الدلالة -على النحو المشار إليه- بمعناه الضيق ليس سابقا من الناحية المنطقية على علم دراسة الأقوال الفعلية فكلاهما يعتمد على الآخر.
وحتى نختتم هذا القسم يجب أن يقال شيء ما عن العلاقة بين الكلمة ومقصودها "refernce" والحدوثية "deixis"، وما يسهمان به في معنى القول، فالعلاقة بين الكلمة ومقصودها مثل الدلالة الذاتية "denotation" علاقة تربط بين التعبيرات والكيانات أو الصفات المميزة، أو الأوضاع الموجودة في العالم الخارجي "انظر ٥ - ٣"، لكن هناك اختلاف هام بين الدلالة الذاتية والعلاقة بين الكلمة ومقصودها فالأخيرة بخلاف الأولى مقيدة بسياق القول، فعلى سبيل المثال التعبير "تلك البقرة" يمكن أن يستخدم في سياق مناسب ليشير إلى بقرة معينة -وهو المقصود بالكلمة- ويمكن أن يستخدم في سياقات مختلفة ليشير إلى بقر متنوع، والعلاقة بين الكلمة ومقصودها في أي سياق معين يحددها جزئيا المعنى الأصلي للكلمة "ويشمل الدلالة الذاتية لكلمة "بقرة"" ويحدده أيضا جزئيا السياق الذي تنطق فيه، والأغلبية العظمى من التعبيرات الإشارية في اللغات الطبيعية معتمدة على السياق بطريقة أو