للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأولوية الوظيفية أكثر سهولة في شرحها وفهمها فحتى يومنا هذا وفي أكثر المجتمعات البيروقراطية والصناعية الحديثة تستخدم اللغة المنطوقة في نطاق من الأغراض أكثر اتساعا مما تستخدم فيه اللغة المكتوبة، ولا تستخدم الكتابة بديلا وظيفيا للحديث إلا في المناسبات التي يستحيل فيها الاتصال المنطوق المسموع أو ينعدم تأثيره أو الاعتماد عليه، وأمكن بفعل اختراع الهاتف والمسجل أن تستخدم اللغة المنطوقة في الحالات التي كان يتوجب فيها استخدام اللغة المكتوبة في الماضي, إذ كانت تستخدم للاتصال الذي يعتمد على البعد، وفي حفظ الوثائق القانونية والدينية والتجارية التي اخترعت الكتابة أصلا لها, وحقيقة أن النصوص المكتوبة استخدمت لمثل هذه الأغراض الهامة عبر التاريخ وكانت أوثق وأكثر دواما من الأقوال المنطوقة "أو أنها كانت كذلك قبل تطور الوسائل الحديثة لتسجيل الصوت" أسهمت في اتخاذ اللغة المكتوبة شكلا رسميا ومكانة أعظم في كثير من الثقافات.

ونأتى الآن إلى مسألة أكثر إثارة للجدل وهي الأولوية البيولوجية فهناك الكثير مما يدعو إلى الاعتقاد بأن الكائنات الإنسانية مبرمجة مقدما على نحو وراثي ليس لاكتساب اللغة فحسب ولكن أيضا لإنتاج الأصوات اللغوية, وإدراكها وهو ما يعد جزءا من العملية ذاتها، ومن الواضح أن ما يشير إليه اللغوي -بشكل عام- بأعضاء النطق: الرئتان، والوتران الصوتيان، والأسنان، واللسان ... ... .. إلخ كل هذه الأعضاء تؤدي وظائف بيولوجية أكثر أساسية من وظيفة إنتاج الإشارات المنطوقة فمما لا جدال فيه أن الرئتين تستخدمان في التنفس، وأن الأسنان تستخدم في طحن الطعام ... وهلم جرا، ويبدأ كل الأطفال، وعمرهم شهور قليلة في البأبأة "ما لم يعانوا من عدم القدرة الطبيعية أو من بعض العوائق العقلية" والبأبأة التي تشتمل على

<<  <   >  >>