وعلاوة على ذلك فإنه عندما نصل إلى قضية وصف لغات بعينها فإن هناك مبررا جيدا لتعامل اللغوي مع اللغتين المتناظرتين المكتوبة والمنطوقة على أنهما متماثلتان في الشكل بدرجة أو بأخرى، فالتطابق التام لا يكون إلا في النموذج النظري -كما قلنا من قبل- فلم يخترع بعد نظام للكتابة يمدنا بما يمثل كل الخصائص المميزة للكلام "بخلاف نظم الكتابة الصوتية التي صاغها علماء الأصوات لهذا الغرض وحده" ويتبع ذلك أن هناك -بشكل عام- طرقا عديدة مختلفة لنطق الجملة الواحدة المكتوبة، وتختلف هذه الطرق من حيث النبر، والتنغيم ... إلخ، وتؤدي علامات الترقيم واستخدام الحروف المكتوبة بالخط المائل والحروف الاستهلاكية الكبيرة التي تبدأ بها الجملة كثيرا مما يقوم به النبر والتنغيم في اللغة المنطوقة من أغراض غير أن الأولى لا تستطيع أن تمثل الأخيرة تمثيلا كافيا، ويجب أن تأخذ حقيقة أنه يوجد دائما اختلاف بنيوي، ووظيفي بين اللغتين المنطوقة والمكتوبة التي تناظر الواحدة منهما الأخرى تقديرا مناسبا كذلك، ويتنوع مدى الاختلاف -لأسباب تاريخية وثقافية- من لغة إلى أخرى، ففي اللغة العربية واللغة التأميلية -على سبيل المثال- نرى الاختلاف من حيث المعجم والقواعد النحوية كبيرا الغاية، وهو أقل وضوحا في اللغة الإنجليزية غير أنه حتى في اللغة الإنجليزية توجد كلمات وعبارات وتراكيب نحوية نشعر أنها عامية للغاية بالنسبة للغة المكتوبة "مثل: "Load of old cobbe"" أو بالعكس أدبية للغاية بالنسبة للغة المنطوقة" مثل:
"any arrangements made heretofore sorwithstandigo"
ويكشف المصطلحان: عامي وأدبي أمورا، فهناك فاصل واضح -من حيث المبدأ- بين العامي والمنطوق من ناحية، وبين الأدبي والمكتوب من ناحية أخرى، وهذا الفاصل من الصعوبة المحافظة عليه عند التطيق، وبخصوص بعض اللغات لا يثير الفاصل المميز بين وسيلة وأخرى "الكتابة في مقابل النطق"، ولا الاختلافات الخاصة بالأسلوب "العامي في مقابل الأدبي" اهتماما كبيرا، وكذلك الأمر في الفاصل المميز بين الاختلافات في الوسيلة، والاختلافات في اللهجة "المشتركة في مقابل غير مشتركة.... إلخ"، والافتراض النظري للتماثل في الشكل بين اللغة المكتوبة واللغة المنطوقة جزء لا يتجزأ مما سيشار إليه فيما بعد بتصور التجانس.