للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن من المستحيل أن نؤرخ لبداية لغة من اللغات إلا إذا كان الأمر لا يتعدى الاتفاق الاعتباطي والتقريب، فلا نستطيع على سبيل المثال أن نقول في أي وقت صارت اللغة اللاتينية المنطوقة لغة فرنسية قديمة أو لغة إيطالية أو لغة أسبانية، ولا نستطيع أن نقول في أي وقت انتهت لغة من اللغات باستثناء اللغات التي أصبحت هامدة بشكل مفاجئ إلى حد ما في الوقت الذي مات فيه آخر متكلم أصلي بها، فاللغات من وجهة النظر التاريخية ليس لها بدايات محددة أو نهايات محددة، وما إذا كنا سنذهب إلى أن اللغة الإنجليزية القديمة واللغة الإنجليزية الحديثة حالتان للغة واحدة أم أنهما لغتان مختلفتان هو في الملاذ الأخير حالة من الاتفاق والموائمة.

ويوجد كذلك طريق آخر تتحطم عليه ثنائية دي سوسير، فمباراة الشطرنج تحكمها قواعد مصوغة بوضوح وفي إطار يخضع لهذه القواع، ويحدد اللاعبون مجرى أي مباراة فهي بين لاعبين أحدهما في مواجهة الآخر، ويحددون أيضا الهدف المعترف به منه، وبقدر ما نعلم ليس هناك اتجاه في التطور التاريخي للغات وربما كانت هناك مبادئ عامة معينة تحدد مراحل الانتقال من حالة للغة ما إلى حالة أخرى، ولكن حتى إذا وجدت مثل هذه المبادئ فلا يمكن مقارنتها مع قوانين مباراة يجريها الإنسان مثل الشطرنج، وسوف نلقي نظرة على ما يطلق عليه قوانين التغير اللغوي في الفصل السادس.

ومبدأ أولوية الوصف التزامني يفهم منه عادة أنه يحمل ما يتضمن أنه بينما يعتمد الوصف التزامني على الوصف التاريخي فإن الوصف التاريخي يفترض سلفا التحليل التزامني السابق للحالات المتتابعة التي تمر من خلالها اللغة في مجرى تطورها التاريخي، وربما لم يمكن هذا وجهة نظر سوسير لكنه يترتب بالضرورة على ما يعد افتراضات مقبولة الآن على نطاق واسع حول طبيعة النظم اللغوية

<<  <   >  >>