للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكل خط مستقيم, ويمكن للقارئ لزيادة المعلومات أن يطالع كتاب "فالون" عن "التطور السيكولوجي عند الطفل"، وكما توجد هناك فترات من النوم وفترات من اليقظة أو النشاط في حياة الكائن البشري، فإن النمو عند "فالون" يشبه إلى حد بعيد هذا التعاقب بين الهدوء والنوم من جهة وبين النشاط والتأزم من جهة, وهذا التعاقب القائم على التحولات الوظيفية يتم خلال مراحل متعددة: "مرحلة الجنين, مرحلة الولادة, المرحلة الانفعالية أو التعبيرية قبل بداية اللغة, المرحلة الانعاكسية المتجه نحو الأشياء, ومرحلة التأزم الشخصي في الثالثة ... إلخ".

أما النمو عند "بياجيه" فهو سلسلة متصلة الحلقات بحيث تعتبر كل مرحلة امتدادًا للمرحلة السابقة وتمهيدًا للمرحلة التالية, وهذا يعني أن النمو متدرج ومستمر ولا يقوم على مبدأ التعارض أو التناقض والتأزم كما هو الحال مثلا عند "فالون". وفيما يتعلب بالتطور العقلي. هناك إنباء في كل مرحلة، وهذا الإنباء يتطور في المراحل التالية وينتقل من حالة الغموض والتوازن الضعيف أو المختل إلى حالة الوضوح والتوازن المتكامل, فهناك الذكاء الحسي الحركي، وهناك الذكاء الحدسي والذكاء المحسوس أو العملي وأخيرًا الذكاء المجرد, وإذا قسم "بياجيه" النمو إلى مراحل وحاول أن يحصرها في حدود زمنية، فهذا لا يعني أن تلك الحدود واحدة وشاملة ومشتركة عند جميع الأطفال في المجتمعات المختلفة. إن العمليات العقلية المتبادلة والتي تبدأ مثلا في السابعة عند الطفل السويسري قد تتغير عند الطفل المصري أو الأفريقي باعتبار أن ظروف الحضارة والمجتمع بما في ذلك الأسس السيكولوجية مختلفة تمامًا, يضاف إلى ذلك أن العينات التي درسها بياجيه لم تكن ممثلة وكبيرة وشاملة, إذا اكتفى بدراسة بعض الأطفال في مدينة جنيف، وكان العدد قليلا بحيث لم يتجاوز العشرين أو المائة في دراسة كل مرحلة، ثم لم تتناول دراسات بياجيه الأطفال في مختلف مناطق سويسرا, وهذا يعني أن العينة لم تكن ممثلة ولا تسمح باستخلاص النتائج والتعميمات, وإذا ألقينا نظرة على الدراسات الأنثربولوجية والسوسيولوجية، فإننا نرى بأن مراحل النمو تختلف من مجتمع إلى آخر ولا يمكن بالتالي حصرها في سنة معينة. فالمراهقة التي تبدأ بصورة عامة في حدود ١٢-١٤ في المجتمعات الأوربية نرها تبدأ في حدود العاشرة مثلا في البلدان الأفريقية, وأزمة المراهقة التي تكلم عنها علماء النفس الغربيون قد لا نجدها في بعض المجتمعات كما هي الحال مثلا في جزر الساموا بحيث لا توجد روادع جنسية وأخلاقية.

<<  <   >  >>