للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- خطبته بعد بيعة السقيفة:

قال الصِّدِّيق -رضي الله عنه- بعد حمد الله والثناء عليه:

أما بعد- أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعيوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه١ -إن شاء الله- والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه -إن شاء الله- لا يدع أحد منكم الجهاد في سبيل الله؛ فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطعيوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".

هذه الخطبة تشتمل على دستور الخليفة يرسم بها سياسة، فبدأ بمقدمة تتناول الحمد لله والثناء عليه بما يستحق من صفات التعظيم، ثم انتقل إلى الموضوع قائلا في تواضع: لقد اختارني المسلمون خليفة؛ لأتولي شئونكم وليس هذا لأني أفضل منكم بل أنا شخص عادي مثلكم وهذا يدل على براعته في استمالة النفوس وتهيئة القلوب علما بأن اختياره مبني على صفات ومقومات لم تكتمل في غيره، ثم أعلن دستور الخلافة قائلا: فإن أحسنت في رعاية أموركم فساعدوني بالعمل والتأييد وإن بعدت عن الصواب فوجهوني إلى الحق وأصلحوا ما أعوج من عملي، ولا مجاملة في تطبيق الشريعة فالكل سواء أمام العدالة، لا يضار الضعيف بل هو قوي حتى يأخذ حقه، ولا يخشى القوي، بل هو ضعيف حتى يؤخذ الحق منه، وكل ذلك بإرادة الله تعالى. ثم دعا إلى الجهاد في سبيل الله، وترك الفاحشة. وختم خطبته بالتركيز على مبدأ الطاعة للخليفة، طالما كان مطيعا لله ورسوله فإذا عصاهما فلا طاعة له على أحد.


١ أرده عليه.

<<  <   >  >>